Mashariq Anwar al-Aqul
مشارق أنوار العقول
Genre-genre
( واعلم) أن هنا مسألة أحببت أن أسمعك إياها وإن تعذرت صورتها في زماننا لكن لتنبه بها على أصل حكم السلف الصالح، وهي ما إذا كان لك ولي في الحقيقة ففعل ما يوجب حدا أو ارتد والعياذ بالله وجب عليك إقامة الحد عليه وقتاله على ارتداده إن كنت ممن يقوم بذلك وأنت تقطع أنه ولي لله في الحقيقة بأن تعلم أنه لا يموت إلا على حالة يرضاها ربه لوجوب القطع بصدق خبر الشارع وإجراء الأحكام الظاهرية عليه، إنما هي بحسب إتيانه لموجباتها فهي نافذة حكما ظاهريا على جميع من فعل أسبابها المناطة بها فإذا مات على حال شرك في الظاهر مثلا لزم تنزيله حيث نزل نفسه في أحكام الظاهر كترك الصلاة عليه وعدم دفنه في مقابر المسلمين، وعدم ميراثه كذا قالوا وعندي فيه خلاف ذلك فإنه متى ما فارقت روحه الدنيا لزمنا القطع أنه مات على توبة مقبولة وإن لم نطلع عليها لأن الله لا يغفر أن يشرك به، وقد أخبرنا أن هذا من أهل الجنة فبضم كل واحد من الخبرين إلى الآخر يحصل القطع بأنه مات على توبة من شركه وإذا قطعنا بذلك لزمنا تنزيله منزلة المسلمين فتجب الصلاة عليه ويجوز ميراثه لورثته المسلمين ودفنه في مقابر المسلمين، والأصحاب رحمهم الله تعالى جعلوا هذه الأشياء من جملة الأحكام الظاهرية التي سبب نفوذها وجود الشرك في الظاهر، وأنت خبير بأن الشرك منحسم عن هذا الولي حين موته فهو مسلم قطعا فإذا عرفت هذه القاعدة فاعلم أن بقية أصحابنا من أهل النهر رضي الله تعالى عنهم إنما حكموا بقتل من قتل أصحابهم لفعله بحكم الظاهر ما يستوجب به القتل، وهو قتل المسلمين فقتله لهم لا ينافي كونه سعيدا عند الله تعالى وإن صح خبر سعادته مع قاتله فإجراء حكم القتل عليه إنما هو بحسب الظاهر أما إذا لم يصح خبر سعادته عند قاتله أو عند أحد من المسلمين وجب أن يبرأ من بحكم الظاهر لما ارتكبه من موجب البراءة، وهو قتل المسلمين حتى تعلم له توبة من ذلك.
Halaman 210