Mashahir Aclam Muslimin
مشاهير أعلام المسلمين
Genre-genre
المحدث محمد ناصر الدين الألباني
صفحة من صفحات أمتنا البيضاء طويت مع ما طوي قبلها من صفحات ، وكلها صفحات من نور ، وورقة أخرى من ورقات شجرة الحياة سقطت بعد ما سقط قبلها - فسقط بسقوطها علم وهوى بهويها نجم بل قمر، وانطفأت شمس طالما أضاءت الطريق إلى الله تعالى .
إنه الفقيد الذي ارتبط اسمه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يذكر إلا ويذكر معه ، العالم الذي بز لداته ، وفاق أقرانه ، وتميز حتى صار شامة في جبين الصحوة المعاصرة ، والعلم الذي أحيا مكانة السنة الصحيحة ، وأوضح أثرها في حياة نهضة الأمة ، وفضح السنة المنحولة ، وحذر منها وبين ضعيفها وسقيمها .
إنه الساعي الحثيث في إعلاء شأن الحديث ، العالم الرباني، والعلامة الجهبذ ، والمحدث الكبير ، ناصر السنة ، وقامع البدعة الشيخ الفاضل : أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الألباني رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .
مولده ونشأته
ولد الشيخ سنة 1332ه في مدينة أشقودرة عاصمة ألبانيا آنذاك - لأسرة فقيرة وكان بيته بيت علم ، فوالده رحمه الله من كبار علماء الحنفية في ألبانيا .
نزح الشيخ مع والده إلى سوريا فرارا من حكم الهالك أحمد زوغو الذي حول ألبانيا إلى دولة علمانية تحارب الإسلام وأهله .. وفي سوريا بدأ دراسته الابتدائية ، وحفظ القرآن على يد والده وأخذ عنه كثيرا من الفقه الحنفي ، كما قرأ الشيخ على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح وشذور الذهب وبعض كتب البلاغة، ومنحه الشيخ محمد راغب الطباخ محدث حلب إجازة في الحديث .
تعلم الألباني مهنة تصليح الساعات من والده وأتقنها، وبها كان يتكسب رزقه .
توجه الشيخ للحديث وولى وجهه شطره ، وكانت البداية مقالا نشره الشيخ رشيد رضا في مجلته "المنار" عن كتاب إحياء علوم الدين للغزالي ، وبين فضله وقيمته لولا ما فيه من أحاديث ضعيفه وموضوعه ، ثم ما فعله العراقي من نقد هذه الأحاديث والحكم عليها .
وبعد أن قرأ الألباني المقال ذهب إلى سوق المسكية بدمشق واستأجر الكتاب - إذ لم يكن بمقدوره شراؤه - ثم نسخ كل الأحاديث وبجوار كل حديث تعليقات العراقي عليه ، حتى جمعها في كتاب خالص ، كان هو مدرسته الأولى التي عليها تتلمذ وبها تخرج .
علو الهمة
كما هو حال كل علماء الأمة العظام ، كان الصبر على العلم والهمة والنهمة في طلبه ، والمحافظة على الوقت لأقصى درجة ، وإمضاؤه في القراءة والبحث والتنقيب ، أو في التأليف والتقييد .
كذلك كان شيخنا - رحمه الله - يكتفي بعمل ساعة في اليوم أو ساعتين فيحصل قوته وأولاده ثم ينطلق إلى المكتبة الظاهرية لينكب على الكتب والمخطوطات دراسة وبحثا وتنقيبا ، فربما قضى فيها خمس عشرة ساعة كل يوم ، وربما بقي بعد انتهاء الدوام فيطلب منه الموظفون أن يغلق الأبواب خلفه ، ومن جميل ما يذكر أنه كان أحيانا يصعد على السلم ليلتقط كتابا من على الرف فيبقى على السلم ساعة يقرأ وقد نسي نفسه من شغفه بالقراءة .
مدرسة جديدة
استطاع الشيخ بتوفيق الله له أن يؤسس مدرسة جديدة في علم الحديث ، كان أهم معالمها تنقية السنة الشريفة مما يعرف عن العلماء بالحديث المردود ( الموضوع والضعيف بأقسامه)، وألف رحمه الله كتبا خصصها للأحاديث الصحيحة وأخرى للضعيفة، وعمل على عزل الصحيح عن الضعيف في كتب السنة كما فعل في الكتب الستة وغيرها ، وخرج أحاديث بعض الكتب ، ونقد نصوصا حديثة في الثقافة الإسلامية ، ودافع عن الحديث النبوي والسيرة بالرد على من تجرؤا عليهما .. إلى غير ذلك من جهوده المميزة التي جعلته بحق مدرسة في علم الحديث تذكر بجهود الأولين في حفظ سنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم .
ومما لا ينبغي إغفاله أنه قد تخرج على يدي الشيخ رحمه الله أعداد غفيرة من طلبة العلم الذين اشتغلوا بهذا العلم الشريف على منهجه في كل البلاد ، فكانوا بإذن الله صدقة جارية تبقى في صحائف الشيخ مع مؤلفاته إلى يوم الدين .
مؤلفاته
وقد بارك الله في حياة الشيخ ووقته وعلمه فألف التآليف الماتعة، وألقى المحاضرات والدروس النافعة ، وانتشرت كتبه في كل مكان حتى انتفع بها القاصي والداني ، وصارت دواوين للسنة يرجع إليها المبتدؤون والمتخصصون ، ويعزو إليها الكاتبون والمؤلفون والمحققون ، وجمع الله كلمة الناس على فضله في هذا العلم ، واقر له الكثير بطول الباع فيه ، فأقر الله عينه بهذه المؤلفات ، كما نفع بها جموع المسلمين.
ومن مؤلفاته النافعة الماتعة : -
1-إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ولعله من أنفع كتبه .
2- سلسلة الأحاديث الصحيحة .
3- سلسلة الأحاديث الضعيفة .
4- تلخيص أحكام الجنائز .
5- صفة صلاة النبي ( وهو من أول مؤلفاته وأكثرها انتشارا ونفعا ) .
6- حجة النبي صلى الله عليه وسلم .
7- الحديث حجة بنفسه .
8- ظلال الجنة في تخريج أحاديث السنة لابن أبي عاصم .
9- تحقيق مشكاة المصابيح .
10- تحريم آلات الطرب .
إضافة إلى الكثير والكثير من الكتب التي خرج أحاديثها ، والمؤلفات التي أمتع بها ونفع بها . فله أكثر من مائة كتاب ما بين صغير وكبير .
وهو رحمه الله من المكثرين تأليفا وتحقيقا رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا .
درس الشيخ في الجامعة الإسلامية لمدة ثلاث سنوات بداية من 1383ه ، وبترشيح من الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة ، ثم عاد إلى سوريا ومنها إلى الأردن .
وفي سنة 1419ه حصل على جائزة الملك فيصل العالمية ، فرع الدارسات الإسلامية ، نظير جهده واجتهاده وتفانيه في خدمة الإسلام ، والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثناء العلماء عليه
وقد أثنى العلماء على الشيخ رحمه الله ثناء حسنا .
فمن ذلك قول الشيخ ابن باز رحمه الله - لا نعلم أحدا أعلم بالحديث منه يعني الألباني وقال : ماتحت أديم السماء عالم بالحديث في العصر الحديث ( فيما نعلم ) مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني .
وسمعت الشيخ صالح بين عثيمين وقد ذكر الشيخ أمامه بسوء فقال :
أقلوا اللوم لا أبا لأبيكم عليه أو سدوا المكان الذي سدا
ثم قال : أشهد أن الشيخ الألباني كان عالما محدثا فقيها ولكن غلب عليه الحديث أكثر، لا أقول إنه معصوم ولكنه إمام . أو نحوه .
وتكفي شهادة هذين العالمين الإمامين للدلالة على فضل الألباني ومكانته - رحمه الله.
أولاده
رزق الشيخ بسبعة أولاد وست بنات ، وقد تزوج من أربعة نسوة .
وفاته
وفي مساء السبت 22/6/1420ه ، وفي إحدى مستشفيات عمان عاصمة الأردن ، أسلم الشيخ روحه إلى باريها بعد صراع مع المرض دام عامين ، وقد شيعه وصلى عليه خلق كثير .
رحم الله الشيخ الألباني، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، ونضر وجهه بخدمته للسنة، وأخلف على المسلمين خيرا منه. آمين.
-----------------------
الشيخ الألباني العلامة الشيخ 2
العلامة الشيخ ناصر الألباني أحد أبرز العلماء المسلمين في العصر الحديث، ويعتبر الشيخ الألباني من علماء الحديث البارزين المتفردين في علم الجرح والتعديل، والشيخ الألباني حجة في مصطلح الحديث وقال عنه العلماء المحدثون إنه أعاد عصر ابن حجر العسقلاني والحافظ بن كثير وغيرهم من علماء الجرح والتعديل.
مولده ونشأته
ولد شيخ الإسلام الألباني في مدينة أشقدورة، عاصمة ألبانيا، عام 1914، في أسرة فقيرة متدينة، فقد تخرج أبوه نوح نجاتي من المعاهد الشرعية في استنبول، وبعد أن تولى الملك أحمد زوغو الحكم هاجر أبوه إلى دمشق، بدأ شيخ الإسلام المهاجر دراسته في مدرسة الإسعاف الخيرية الابتدائية بدمشق، استمر على ذلك حتى أشرف على نهاية المرحلة الابتدائية، وفي هذه الأثناء هبت أعاصير الثورة السورية بالفرنسيين الغزاة، وأصاب المدرسة حريق أتي عليها، ونظرا لسوء رأي والده في الدراسة النظامية أخرجه من المدرسة ووضع له برنامجا علميا مركزا فقام بتعليمه القرآن والتجويد والصرف والفقه الحنفي، كما أنه تلقى بعض العلوم الدينية والعربية على بعض الشيوخ من أصدقاء والده مثل الشيخ سعيد البرهاني إذ قرأ عليه كتاب (مراقي الفلاح) وبعض الكتب الحديثة في علوم البلاغة.
تعلمه الحديث
أخذ الشيخ إجازة في الحديث من الشيخ راغب الطباخ، علامة حلب في زمانه، وذلك إثر مقابلة له بواسطة الأستاذ محمد المبارك الذي ذكر للشيخ الطباخ ما يعرفه من إقبال الفتى على علوم الحديث وتفوقه فيها، فلما استوثق من ذلك خصه بإجازته.
وكان قد توجه للحديث وهو في العشرين من عمره متأثرا بالأبحاث التي كان يكتبها محمد رشيد رضا في مجلة المنار. يقول شيخ الإسلام الألباني: (أول ما ولعت بمطالعته من الكتب القصص العربية كالظاهر وعنترة والملك سيف وما إليها. ثم القصص البوليسية المترجمة كأرسين لوبين وغيرها، وذات يوم لاحظت بين الكتب المعروضة لدى أحد الباعة جزءا من مجلة المنار فاطلعت عليه ووقعت فيه على بحث بقلم السيد رشيد رضا يصف فيه كتاب الإحياء للغزالي، ويشير إلى محاسنة ومآخذه.. ولأول مرة أواجه مثل هذا النقد العلمي فاجتذبني ذلك إلى مطالعة الجزء كله ثم أمضي لأتابع موضوع تخريج الحافظ العراقي على الإحياء ورأيتني أسعى لاستئجاره لأني لا أملك ثمنه. ومن ثم أقبلت على قراءة الكتب، فاستهواني ذلك التخريج الدقيق حتى صممت على نسخه) أخذ الشيخ عن والده صناعة إصلاح الساعات حتى صار من أهل الشهرة فيها، وأخذ يكسب رزقه منها، ثم ترك يومين فقط لهذا العمل أما باقي الأيام فكان في المكتبة الظاهرية يدرس وينهمك في المطالعة طوال اليوم،
لقد كان لحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأثر الكبير في توجيه الألباني علما وعملا، فتوجه نحو المنهج الصحيح، وهو التلقي عن الله ورسوله فقط، مستعينا بفهم الأئمة الأعلام من السلف الصالح دون تعصب لأحد منهم أو عليه. وإنما كان رائده الحق حيث كان، ولذلك بدأ يخالف مذهبه الحنفي الذي نشأ عليه، وكان والده رحمه الله يعارضه في مسائل كثيرة في المذهب، فبين له الشيخ أنه لا يجوز لمسلم أن يترك العمل بحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد ما ثبت عنه وعمل به بعض الأئمة لقول أحد من الناس، كائنا من كان، ويذكر له أن هذا هو منهج أبي حنيفة وغيره من الأئمة الكرام رحمهم الله.
مؤلفاته
وقد أثرى المكتبة الإسلامية بعدد كبير من المؤلفات على رأسها سلسلة الأحاديث الصحيحة وسلسلة الأحاديث الضعيفة وكتاب "صفة صلاة النبي" والذي لقي رواجا كبيرا بين شباب الصحوة الإسلامية.
نشره للعلم
وحين تمكن الإمام من العلم بدأ يتصل بالناس ينشر الدعوة، فقد رفع الإمام راية التوحيد والسنة وزار الكثيرين من المشايخ في دمشق، وجرت بينه وبينهم مناقشات في مسائل التوحيد والتعصب للمذاهب والبدع، وتابع الحساد وجهلة المتنطعين والجواسيس والوشاة والمعارضين لمنهجه، حتى ألقي به في السجن عام 1967 لمدة شهر وفي وقت لاحق لمدة ست شهور، وحين تم تأسيس الجامعة الإسلامية في المدينة وقع اختيار سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ-رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس الجامعة آنذاك-على شيخ الإسلام ليتولى تدريس الحديث وعلومه.
ومن آثار الإمام الألباني رحمه الله على الجامعة أنه وضع القاعدة لمادة الإسناد، وسبق كل الجامعات الموجودة بذلك، إلا لإخلاصه أثارت عليه الحاقدين من بعض أساتذة الجامعة فكادوا له ووشوا به عند المسؤولين ولفقوا عليه الدسائس والافتراءات حتى أجبرت الجامعة على الاستغناء عنه.
رحلاته
هاجر شيخ الإسلام حفظه الله من دمشق إلى عمان في رمضان عام 1400ه، ثم اضطر للخروج منها عائدا إلى دمشق ومن هناك إلى بيروت، ثم هاجر إلى الإمارات حيث استقبله محبيه من أهل السنة والجماعة وحل ضيفا على جمعية دار البر، فكانت أيامهم معه أيام علم ونصح وإرشاد وإنهاك في العلم، وإبان إقامة الشيخ في الإمارات تمكن من السفر إلى الدول الخليجية المجاورة والتقى في قطر الشيخ محمد الغزالي والشيخ يوسف القرضاوي، ثم عاد إلى دمشق، وكانت آخر زيارة له لدولة الإمارات في عام 1989، وحين نزل ضيفا على جمعية دار البر ألقى الدروس في مزرعة رئيس الجمعية، وسمي المسجد التابع للمزرعة مسجد الإمام الألباني، تخليدا لذكرى زيارته، وفي رمضان عام 1419ه فرح المسلمون بإعطاء شيخ الإسلام جائزة الملك فيصل وهذا تقدير وعرفان من المملكة العربية السعودية لما قام به الشيخ من خدمة للإسلام والمسلمين.
مناقبه وفضائله
كان الشيخ رحمه الله متبعا لمنهج السلف متخلقا بأخلاقهم وجعل نصب عينيه قول الله ورسوله في كل شيء، فكان لا يستحي من الحق، يعلنها في كتبه ومحاضراته، وهذه خصلة حميدة طيبة، كقول أبي حنيفة رحمه الله: (نحن قوم نقول القول اليوم ونرجع فيه غدا، ونقوله غدا ونرجع فيه بعد غد كلنا خطاء إلا صاحب هذا القبر). وهذا مما جعل لشيخ الإسلام الألباني محبين في كل مكان من عالمنا الإسلامي الكبير، وحسده كثير من جانب آخر.
Halaman 145