هل هو بإيحاء حياته أولا، ثم بإيحاء أدبه ثانيا، قد غيرك وارتفع بك وجعلك تتطور، أم هو قد خدعك عن حقك في هذه الدنيا أو أحالك إلى إنسان جامد تحيا بالعقائد بدلا من الحقائق، وتخشى المستقبل وتقنع بالجهل، قد غشك بمدح الطغاة، وخدعك بالكلمات الحلوة التي لا تغذو نفسك ولكنها تسري عنك فقط كما لو كانت كأسا من الخمر؟
اطلب الكاتب النافع، الأديب الذي يغذوك، الذي يحمل إليك رسالة إنسانية سامية تتطور بها وترتقي. •••
هناك طريقتان للتأليف في الأدب:
فأما الطريقة الأولى:
فخفيفة العبء قليلة الجهد سريعة الإنتاج، وهي أن يدرس المؤلف موضوعه وفق ما تعلم من المهارة المكتسبة من الكتاب الذين سبقوه، فإذا شاء تأليف قصة قرأ ما كتب من القصص، ثم حاول بعد ذلك أن يكتب كما كتب مؤلفها، وهو هنا بالطبع مقلد غير مبتكر.
ومثل هذه المؤلفات كثيرة، وهي تزيد الكم، أي إن قيمتها الأدبية كمية وليست نوعية.
أما الطريقة الثانية:
التي يتبعها بل قد اتبعها العظماء في الأدب فهي درس الحياة، وهي طريقة شاقة ولكنها تؤدي في النهاية إلى إخراج الكتاب العظيم الخالد، وليس المعنى هنا إهمال الصنعة من حيث أسلوب الكتابة أو درس اللغة أو الاستخفاف بالمؤلفات السابقة في الموضوعات التي نعالجها، وإنما المعنى أن نبالي بالحياة التي نحياها أكثر مما نبالي بالكتاب الذي نقرؤه ونتهيأ به للتأليف.
وعندئذ يكون الكتاب ثمرة الحياة باختباراتها وليس ثمرة الكتب بالدراسة، أي إن الكتاب الذي نؤلفه عندئذ ينبع من الحياة.
وكي نحسن تأليف الأدب يجب أن نحسن ممارسة الحياة.
Halaman tidak diketahui