وعرف قواد الأمين أنه شديد الحاجة إلى اصطناع الرجال فاتفقوا مع الجند على إحداث الشغب ليصطنعهم بالمال، ولا يكاد الجند يشتبكون مع جنود القصر حتى يكفهم الأمين ويأمر لهم بما طلبوه من الأرزاق ويصل قوادهم وخواصهم بما يشتهون، فتكون هذه فاتحة الثورات العديدة التي جلبتها هذه الهزيمة الشنعاء. (8-4) شجاعة طاهر
أما شجاعة طاهر فقد كانت تتمثل في كل مواقفه المشرفة التي تجلت في هذه الحروب الطاحنة، فقد كان يشرف على كل شأن - جل أو حقر - من شئون جيشه، ويتعرف كيف يستميل إليه جنوده ويغري جنود الأعداء بالانضمام إليه.
وكان طاهر لا تلوح له فرصة إلا أسرع إلى انتهازها، وقد رأيت ما أبداه من صنوف الحزم في حربه مع «علي بن عيسى» وليست هذه العجالة بموفية شيئا من مواهبه وميزاته الباهرة. (8-5) نكبة بغداد
ولا يسعنا أن نختم هذه الكلمة دون أن نشير إلى نكبة بغداد - التي اقترنت بمصرع الأمين - فقد لقي أهلها من صنوف العذاب ما لا قبل لإنسان باحتماله، ونحن ندع الوصف إلى شعرائها الذين شهدوا ما حل بها ورأوا بأعينهم ما أصاب أهلها من الروع والفزع.
فمن ذلك قول بعض فتيان بغداد:
بكيت دما على بغداد لما
فقدت غضارة العيش الأنيق
تبدلنا هموما من سرور
ومن سعة تبدلنا بضيق
أصابتها - من الحساد - عين
Halaman tidak diketahui