بدأت مطامع أبي مسلم تتجلى واضحة في آخر خلافة أبي العباس وأول خلافة أبي جعفر، وبدأ النفور يظهر رويدا حتى انتهى بهذا الموضوع المروع!
وقد بدأ الخلاف يظهر واضحا والامتعاض يشتد حين كتب أبو مسلم إلى أبي العباس يستأذنه في الحج سنة 136، قالوا: «وإنما أراد أن يصلي بالناس.» فأذن له.
وخشي أبو العباس من نفوذ أبي مسلم وتعاظم شأنه وخطره، فكتب إلى أبي جعفر يقول: «إن أبا مسلم كتب إلي يستأذن في الحج وقد أذنت له، وقد ظننت أنه إذا قدم يريد أن يسألني أن أوليه إقامة الحج للناس، فاكتب إلي تستأذنني في الحج، فإنك إن كنت بمكة لم يطمع أن يتقدمك.» ففعل.
ولم يكد يعلم أبو مسلم بخروج أبي جعفر إلى الحج حتى امتلأت نفسه غيظا وحقدا وقال: «أما وجد أبو جعفر عاما يحج فيه غير هذا.»
ولم تكن مثل هذه الحيلة لتخفى على ذكاء أبي مسلم وبعد نظره، فقد شعر أنهم ينفسون عليه مكانته ويستكثرون عليه ما ناله من رفعة وخطر. قالوا: فاضطغنها على أبي جعفر.
ولم يقف أبو مسلم عند هذا الحد، فكان يتحبب إلى العرب ويستجلب مودتهم قالوا: «وكان يصلح العقاب ويكسو الأعراب في كل منزل ويصل من سأله.» قالوا: «وكسا الأعراب البتوت والملاحف، وحفر الآبار وسهل الطرق. فكان الصوت له، وكان الأعراب يقولون: هذا المكذوب عليه.»
وفي بعض هذا ما يثير الأحقاد، ويلهب الحسد في نفس أبي جعفر الذي لم ينس له تقدمه عليه في الحج، ولم يترك حيلة إلا احتالها عليه حتى شفى نفسه بالانتقام منه. •••
وإن أبا جعفر ليفكر في الانتقام من أبي مسلم والكيد له، إذا بأبي جعفر ينادى به خليفة المسلمين - بعد أن مات أبو العباس - فيصبح وفي يده كل وسائل الانتقام والكيد.
ثم يكتب أبو مسلم إلى أبي جعفر يعزيه بأمير المؤمنين، ويغفل تهنئته بالخلافة. قالوا: «ولم يقم حتى يلحقه ولم يرجع.»
فيزيد بذلك غضب أبي جعفر، فيأمر بتقريعه في كتاب شديد اللهجة قاسي الأسلوب، فيبعث إليه أبو مسلم يهنئه.
Halaman tidak diketahui