قالوا: وخرج «خالد بن عتاب بن ورقاء» الذي وتره شبيب، فسار في عصابة من أهل الكوفة حتى دخل عسكرهم من ورائهم فقتل «مصادا» أخا شبيب وقتلت غزالة امرأته وحرق خالد في عسكر شبيب.
فكبر الحجاج وأصحابه تكبيرة واحدة، وفت في أعضاد شبيب وأصحابه وقال الحجاج لأهل الشام: «شدوا عليهم فإنهم قد أتاهم ما أرعب قلوبهم.» فشدوا عليهم فهزموهم.
قالوا: ثم إن الحجاج دخل الكوفة حين انهزم شبيب ثم صعد المنبر فقال: «والله ما قوتل شبيب قط قبلها مثلها! ولي - الله - هاربا وترك امرأته يكسر في استها القصب!» (2-15) المعركة الأخيرة
ذهب شبيب إلى الأهواز ثم إلى فارس ثم ارتفع إلى كرمان، وكان الحجاج قد أمر سفيان بن الأبرد أن يسير إليه فلحقه بالأهواز بجسر دجيل، وانضم إليه زياد بن عمر العتكي في أربعة آلاف.
ثم نشبت المعركة عنيفة وأظهر فيها شبيب من ضروب البسالة والإقدام والافتنان في الحرب ما بهر أعداءه وحير ألبابهم. قال السكسكي: «فلما رأى سفيان أنه لا يقدر عليهم ولا يأمن - مع ذلك - ظفرهم، دعا الرماة فقال: «ارشقوهم بالنبل.» وذلك عند المساء - وكان التقاؤهم نصف النهار - فرماهم حينئذ أصحاب النبل بالنبل. فلما رشقوهم بالنبل ساعة شدوا عليهم. فلما شدوا على رماتنا شددنا عليهم فشغلناهم عنهم. فكر شبيب وأصحابه على أصحاب النبل كرة صرع منهم أكثر من ثلاثين رجلا. ثم عطف بخيله علينا فطاعناه حتى أتى المساء ثم انصرف عنا. فقال سفيان لأصحابه: «أيها الناس دعوهم لا تتبعوهم حتى نصبحهم غدوة.» فكففنا عنهم وليس شيء أحب إلينا من أن ينصرفوا عنا.»
فانظر إلى عبارة السكسكي الأخيرة التي تعبر عن شعور الجيش كله وبغضه قتال شبيب وأصحابه! •••
ولما انتهت المعركة أمر «شبيب» أصحابه أن يعبروا جسر «دجيل» حتى إذا أصبحوا باكروا أعداءهم، فعبروا أمامه وتخلف في آخرهم. (2-16) كيف صرع شبيب
قالوا: فأقبل شبيب على فرسه، وكانت بين يديه فرس أنثى فنزا عليها فرسه وهو على الجسر فاضطربت أمامه ونزل حافر فرسه على حرف السفينة فسقط في الماء وسقط معه شبيب - وهو مثقل بالحديد من درع ومغفر وغيرهما - فقال:
ليقضي الله أمرا كان مفعولا .
وارتمس في الماء ثم ارتفع، فقال له بعض أصحابه وهو يغرق: «أغرقا يا أمير المؤمنين؟»
Halaman tidak diketahui