إن هذه البلاد تريد أن يدخل إلى فلسطين أكبر عدد ممكن من اليهود، وذلك يكون بترتيب وتفاهم سياسي مع البريطانيين والعرب ليكفل لهم النجاح، ولا بد من أن تكون المساعي المبذولة لذلك على أسس سليمة؛ لأنه لا يقبل إرسال نصف مليون من الجنود الأمريكان للمحافظة على السلام في فلسطين.
ثم قال عزام بك: ولم يذكر سعادة الوزير المفوض في هذا النص شيئا يختص بإقامة الدولة اليهودية، قائلا: «إن هذا النص هو كل ما عندي الآن.» ثم قال:
ولا شك أن هذا النص أخف وطأة على العرب من النصوص التي أذاعتها بعض الصحف لبيان الرئيس ترومان، وأثارت قلقهم وانزعاجهم، وإنه لمما يؤسف له أن تأتي مثل هذه التصريحات في الوقت الذي تتطلع فيه البشرية بعد سني الحرب القاسية، إلى سلم واستقرار وطمأنينة إلى النفوس.
ولقد كنا نظن أن سقوط الدكتاتوريات في أوروبا وآسيا يسمح للدول الديموقراطية الكبرى بمعالجة المشكلة الناشئة عن اضطهاد اليهود علاجا عادلا. بعد أن تيسرت لها الوسائل ودانت لها الدنيا.
لذلك لا أدري ما هي الأسباب الملحة التي دعت رئيس الولايات المتحدة إلى بذل مسعاه في بوتسدام ولندن أو إلى تصريحه الذي نقل إلينا، فإن كان من بين هذه الأسباب وعد الحزب الديموقراطي في شأن اليهود، فإن من الحق علينا أن نسارع بتذكيره بآخر عهد قطع للعرب في ذلك من الرئيس الكبير المرحوم روزفلت، فإنه قبل وفاته بأسابيع قليلة، وضع يده في يد جلالة الملك عبد العزيز بن السعود، وعاهده على ألا ينصر قضية اليهود على قضية العرب في فلسطين. وقد أكد الرئيس ترومان نفسه بعد ذلك سياسة الولايات المتحدة التقليدية في السنين الأخيرة، حين وعد الدول العربية باستشارتها في كل ما يمس حقوق العرب في فلسطين. (8) رأي الدوائر البريطانية
في 18 أغسطس 1945م، تلقت جريدة «الديار» برقية من صاحبها الذي كان يزور لندن يقول فيها: إن المستر بيفن - وزير الخارجية البريطانية - استقبل الأستاذ كميل شمعون، وأبلغه أن سياسة بريطانيا في الشرق الأوسط لن تتغير، فإن سياسة المستر تشرشل كانت مؤيدة من أعضاء حزب العمال الذين اشتركوا في الوزارة الائتلافية.
وقال أيضا: إن بريطانيا تعتمد على مساعدة سوريا ولبنان في حل مسألتهما.
فرد عليه الأستاذ شمعون قائلا: إن استقلال البلدين ضروري ليتمكنا من القيام بدورهما مع البلدان العربية في تأمين السلام وفقا لخطط الحلفاء.
وبسط الأستاذ شمعون وجهة نظر العرب فيما يتصل بقضية فلسطين فقال المستر بيفن: إنه يدرس هذه القضية باهتمام كبير. (9) مقالة مجلة إيكونومست
في 18 أغسطس 1945م، نشرت مجلة «الإيكونومست» اللندنية، وهي مجلة سياسة واقتصادية أسبوعية مقالا افتتاحيا ألحت فيه على الحكومة العمالية الجديدة في ألا تندفع في اتخاذ قرارات غير ناضجة فيما يتعلق بمسألة فلسطين. وقد ناقشت الجريدة المسألة الصهيونية وأعربت عن أن لحظة من التأمل لا بد أن تظهر أن هذه الرغبة اليهودية المتطرفة لجعل فلسطين دولة يهودية، ليست رغبة عادلة ولا عملية.
Halaman tidak diketahui