وبالإيطالية
Abissinia
مشتق من اللفظ العربي «الحبشة» التي فعلها «حبش».
وقد رجعنا إلى القواميس اللغوية، ونجترئ بالخلاصة التي ذكرها «مجد الدين الفيروزآبادي» صاحب «القاموس المحيط» ص266 جزء 2 حيث قال:
الحبش والحبشة محركتين، والأحبش بضم الباء: جنس من السودان، جمعه: حبشان وأحابيش. والحبشة: بلاد الحبشان. والحبشان بالضم: ضرب من الجراد، وكثمامة الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة كالأحبوشة.
ولا يخرج ما ورد في القواميس الأخرى عن مثل هذه المعاني؛ فليرجع إليها من يشاء.
وقد ذكر مراسل البلاغ بأديس أبابا أنه قد تقابل مع أحد الوطنيين ممن تلقوا علومهم في مصر، فأظهر له دهشته من أن الصحف المصرية تسمي بلاده باسم الحبشة، وهو الاسم الذي يمقته الأحباش ويرون فيه إهانة لهم وتحقيرا، وبهذه المناسبة نذكر لمحة تاريخية عن الاسمين ورأي الحبشان فيهما: أما عن كلمة «حبشة» فهناك فرضان فيها؛ الأول: وهو ما عرف عن أهالي الحبشة الأولين من سكنى المغارات والكهوف، وهذه تسمى بالحبشة «واشا»، وقد عرفت بلادهم بهذا الاسم الذي حرف وصار حبشة. وهذا الفرض في ظني لا يستقر، وإن كان بعض المؤرخين يأخذون به. أما الفرض الثاني: فهو تسمية البلاد باسم القبائل والشعوب التي نزحت من جزيرة العرب إلى بلاد إثيوبيا، وهذه القبائل كانت خليطا من شعوب مختلفة؛ ولذلك سميت حبشات، وقد فتحت البلاد وأذلت أهلها، وكانت على شيء من الثقافة، فعلمت الوطنيين سكنى المنازل وتهذيب الأسلحة الحجرية، وأطلقت اسم الحبشة على بلادهم، ومعناها - كما ذكرت - خليط.
وكلمة إثيوبيا التي يعتز بها الأحباش هو الاسم الرسمي الذي تستعمله الحكومة في مكاتباتها الرسمية، وهذه التسمية ترجع في رأي علماء الأحباش إلى مجيء إثيوبس حفيد حام وتأسيسه لبلادهم، وقد عرفت البلاد التي أسسها باسمه فصارت إثيوبيا، وهذه كانت تتسع أحيانا فتشمل أجزاء كبيرة من أفريقيا وآسيا حتى الهند، وتنكمش أحيانا أخرى فتقتصر على الأجزاء الأفريقية المعروفة. وتروي الأساطير أن حاكما مسيحيا يسمى «يوحنا» كان يحكم هذه الإمبراطورية الشاسعة التي كانت تضم جزءا كبيرا من الهند وبلاد العرب وشرقي أفريقيا، وكانت تعرف إذ ذاك باسم إثيوبيا، ثم قام أحد الملوك الأحباش واستقل بالملك وأطلق اسم إثيوبيا على بلاده.
هذا موجز تاريخي للاسمين، أما الأحباش فيرون في كلمة «حبشة» إهانة لهم ولبلادهم، ولا يجري هذا الاسم على لسان حبشي واحد؛ لأنه يذكرهم بعهد الذل الذي قاسوه من إغارة القبائل الأجنبية على بلادهم، فضلا عن دلالته على عدم صفاء جنسهم وشعوبهم. •••
على أن القراء يلحظون أننا آثرنا إطلاق لفظ «الحبشة» على البلاد الإثيوبية في تعليقاتنا وتأريخنا للحوادث؛ وذلك لأن «الحبشة» هو الاسم العربي وكتابنا بالعربية، ولأن الاسم يرجع إلى أساس معقول، فالحبشان خليط من الأقوام، ولا تزال الحبشة ذات رءوس وممالك، ولأن الكتب العربية والصحف المصرية والعربية تستعمل كلمة «الحبشة» في كتاباتها، فوجبت مراعاة هذا الاستعمال المشهور والذي في الوقت ذاته ليس خطأ أو بدعا.
Halaman tidak diketahui