قد يحبط بالسيئات، وأن العمل لا يقبل إلا مع التقوى، والوعد إنما هو للمؤمنين وليسوا منهم، بدليل قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ ١ ونحو ذلك، وبقوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" ٢ ونحو ذلك. وتقول المرجئة: إنما يتقبل الله من المتقين المراد من اتقى الشرك، والأعمال لا تحبط إلا بالكفر لقوله: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ ٣، ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ ٤، وقوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ﴾ الآيتين، وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ ٥ في الكفار لأنه قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ﴾ ٦ الآية، وكذلك قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ﴾ إلى قوله ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾، أخبر أنهم ارتدوا بعد بيان الهدى، وأن الشيطان سول لهم وأملى لهم أي: وسع لهم في العمر، فكان سبب وعدهم للكفار.
ولهذا فسرها السلف بالمنافقين وباليهود، قالت الوعيدية: إنما وصفهم بمجرد كراهة ما أنزل، والكراهة عمل القلب. وعند الجهمية الإيمان بمجرد تصديق القلب لا عمله؛ وعند فقهاء المرجئة قول اللسان مع التصديق، وعلى القولين أعمال القلوب ليست من الإيمان عندهم، فيمكن أن يصدق بقلبه ولسانه مع كراهته ما أنزل الله، فلا يكون كافرًا عندهم؛ والآية تتناوله فيدل على فساد قولهم. قالوا: وأما قولكم المتقون