يكره متابعة الرسول، وهم من أبعد الناس عن الجهاد، ومحبتهم التي يدعون من جنس محبة المشركين الذين صلاتهم عند البيت مكاء وتصديه، ويجتهدون في دعاء مشايخهم في حياتهم وعند قبورهم، فأولئك أنكروا المحبة، وهؤلاء دخلوا في محبة المشركين، فنفس محبته أصل عبادته، والشرك فيها أصل الشرك في عبادته، أولئك فيهم شبه من النصارى وفيهم شرك من جنس شرك النصارى؛ ولهذا كان مشايخ الصوفية العارفون يوصون كثيرا بمتابعة العلم، قال بعضهم: ما ترك أحد شيئا من السنة إلا لكبر في نفسه، وهو كما قال، فإنه إذا لم يكن متبعا لما جاء به الرسول كان متبعا لهواه بغير هدى من الله، وهذا عيش النفس، وهو من الكبر، فإنه شعبة من قول الذين قالوا: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله.
(١١٨) العقوبات شرعت رحمة من الله بعباده،
ولهذا ينبغي لمن يعاقب على الذنوب أن يقصد بذلك الإحسان إلى المعاقب، والرحمة له، كما يقصد الوالد تأديب ولده، فإنه ﷺ قال: "إنما أنا لكم بمنْزلة الوالد".
وقال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ ١، وفي قراءة أبي (وهو أب لهم)، والقراءة المشهورة تدل عليه؛ فلولا أنه كالأب لم تكن نساؤه كالأمهات. والأنبياء أطباء الدين، والقرآن أنزله الله شفاء، فالذي يعاقب عقوبة شرعية نائب له، فعليه أن يفعل كفعله، ولهذا قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ ٢. قال أبو هريرة: "خير
١ سورة الأحزاب آية: ٦.
٢ سورة آل عمران آية: ١١٠.