Masail Jarudiyya
المسائل الجارودية
Penyiasat
الشيخ محمد كاظم مدير شانجي
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
1414 - 1993 م
Genre-genre
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلواته على خيرته من خلقه محمد وآله الطاهرين.
(أما بعد، فقد) (1) اتفقت الشيعة العلوية من الإمامية والزيدية الجارودية (2) على أن الإمامة كانت عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأنها كانت للحسن بن علي عليهما السلام من بعده وللحسين بن علي بعد أخيه عليهما السلام وأنها من بعد الحسين من (3) ولد فاطمة عليها (4) السلام لا تخرج (5) منهم إلى غيرهم ولا يستحقها سواهم ولا تصلح إلا لهم فهم أهلها دون من عداهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، ثم أختلف هذان الفريقان بعد
Halaman 27
الذي ذكرناه من اتفاقهم على ما وصفناه.
فقالت الإمامية إن الإمامة بعد الحسين عليه السلام في ولده لصلبه خاصة دون ولد أخيه الحسن عليه السلام وغيره من إخوته وبني عمه وساير الناس وأنها لا تصلح إلا لولد الحسين عليه السلام ولا يستحقها غيرهم ولا تخرج عنهم إلى غيرهم ممن عداهم حتى تقوم (1) الساعة.
وقالت الزيدية الجارودية (2) إنها بعد الحسين عليه السلام في ولد الحسن والحسين عليهما السلام دون غيرهم من ولد أمير المؤمنين عليه السلام وساير بني هاشم وكافة الناس، وحصروها في ولد أمير المؤمنين عليه السلام (من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأنكروا قول الإمامية في اختصاص ولد الحسين عليه السلام) (3) بها دون ولد الحسن عليه السلام وخالفوهم في حصرها فيهم حسب ما ذكرناه.
Halaman 28
باب (1) مسائل الجارودية للإمامية (2) فيما حكيناه عنهم من الاختلاف الذي شرحناه وأجوبة الإمامية فيه فمما سألت الجارودية عنه الإمامية أن قالوا لهم: كيف صارت الإمامة في ولد الحسين عليه السلام دون ولد الحسن عليه السلام وهما جميعا إمامان على ما تقرر بيننا من الاتفاق؟
قالت الإمامية: ليس اجتماع الحسن والحسين عليهما السلام واستحقاقهما (3) لها بموجب استحقاق ولدهما لها ولا مانعا من اختصاص ولد الحسين عليه السلام بها دون ولد الحسن عليه السلام كما أن ثبوت الإمامة في أمير المؤمنين عليه السلام واستحقاقه لها بعد الرسول عليه السلام (4) دون من سواه من بني هاشم وعامة قريش وكافة الناس لا يوجب استحقاق جميع ولده ولا يمنع من اختصاص الحسن والحسين عليهما السلام بها دون إخوتهما من ولد أمير المؤمنين عليه السلام وغيرهم من الناس وبالمعنى الذي اختص
Halaman 29
الحسن والحسين عليهما السلام من جملة ولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه (1) بالإمامة دون إخوتهما منه اختصت بولد الحسين عليه السلام دون غيرهم من بني عمهم وكافة الأنام.
قالت الجارودية: فإن الحسن والحسين عليهما السلام إنما اختصا بالإمامة دون إخوتهما من ولد أمير المؤمنين عليه السلام في المعاني التي يستحق بها الإمامة من العلم والورع والبصيرة بالتدبير والسياسة وكيت وكيت (2) مما لا بد من حوز الأئمة له من الفضل (3) ولولا ذلك لما جوزناها في الحسن والحسين عليهما السلام دونهم (4).
قالت الإمامية: فقد سقط الآن تعجبكم من اختصاص ولد الحسين عليه السلام بالإمامة مع كونها في أخيه الحسن عليه السلام مثله كما سقط تعجب المخالف لنا جميعا من القول باختصاص الحسن والحسين بالإمامة (5) دون إخوتهما مع كون أبيهم (6) أمير المؤمنين عليه السلام إماما (7) قبلهم ومستحقا للإمامة دون من سواه وصار ما استبعد من هذا الباب قريبا ونحن نقول لكم في اختصاص ولد الحسين بالإمامة مثل ما قلتم في اختصاصه وأخيه عليهما السلام دون إخوتهم ونحتج بذلك مثل حجتكم فنقول (8) إن ولد الحسين عليه السلام إنما اختصوا بالإمامة لفضلهم على كل
Halaman 30
من عداهم من بني عمهم وغيرهم في المعاني التي يستحق بها الإمامة من العلم والورع والبصيرة بالتدبير والسياسة وكيت وكيت (1) مما لا بد من حوز الأئمة له من الفضل لولا ذلك لجوزناها في غير ولد الحسين عليه السلام وما قصرناها فيهم.
قالت الجارودية: هذا (2) دعوى منكم يا معشر الإمامية بلا بينة فدلوا على صحتها بحجة وإلا فأنتم متحكمون.
قالت لهم الإمامية (3): فما علونا طريقكم في الاحتجاج ولا خالفنا سبيلكم في الكلام بل تجرينا (4) حكاية ألفاظكم وأوردنا (5) فيها معانيكم بعينها على التحقيق.
فإن كنتم فيما اعتمدتموه (6) من اختصاص الحسن والحسين عليهما السلام بالإمامة واستحقاقهما لها دون إخوتهما على دعوى لا يثبت لها بينة فكفاكم بذلك عارا عند أهل النظر ومثله شهدتم على أنفسكم بالتقصير.
وإن كنتم على حجة أولكم في مقالكم (7) دليل فإنا مثلكم في ذلك.
وإلا فقولوا نسمع غير ما ذكرتموه (8).
قالت الجارودية: أنتم توافقونا يا معشر الإمامية على ما ادعيناه من فضل الحسن والحسين عليهما السلام على جميع أخويهما (9) فيما عددناه
Halaman 31
ووصفناه ونحن نخالفكم فيما تفردتم (1) به من فضل ولد الحسين عليه السلام على بني عمهم في ذلك فلا (2) حاجة بنا إلى دليل على مقالتنا فيه.
قالت الإمامية: وأي نفع لكم في وفاقنا إياكم (3) على شئ (4) لا حجة لنا جميعا عليه والدعوى فيه عرية (5) من برهان على صحته، وخصومنا جميعا يعيرونا بالاقتصار فيه على الدعاوي (6) المجردة من البيان، ويحكمون (7) علينا من أجل ذلك بالعجز (8) عن الاحتجاج والتقليد في الاعتقاد اللهم إلا أن تزعموا (9) أن الدعاوي مغنية عن البرهان فيلزمكم ما ذكرناه من الدعوى لولد الحسين عليه السلام وتسقط مطالبتكم بالبرهان.
قالت الجارودية: إنما اقتصرنا في فضل الحسن والحسين عليهما السلام على إخوتهما فيما عددناه على الحكم المجرد من البيان لظهور ذلك عند العلماء، وإلا فمن ذا يخفى عليه فضل الحسن بن علي عليهما السلام على محمد بن الحنفية وفضل الحسين عليه السلام على جعفر وعثمان والعباس؟
قالت الإمامية: فاقنعوا (10) منا بمثل هذا المقال فيما اختصصنا به من الاعتقاد في ولد الحسين عليه السلام وظهور فضلهم على بني عمهم عند
Halaman 32
العلماء، وإلا فمن يخفى عليه فضل زين العابدين علي بن الحسين السجاد عليه السلام على الحسن بن الحسن وعبد الله بن الحسن؟ وفضل الباقر محمد ابن علي عليهما السلام على محمد بن عبد الله بن الحسن وإبراهيم بن عبد الله ابن الحسن؟
فهل معكم شئ أكثر من الدعوى؟ (1).
قالت الجارودية: تفضيلكم من سميتموه من ولد الحسين على (من عددتموه من) (2) ولد الحسن صادر عن هوى وعصبية، وإلا فهاتوا عليه برهانا (3).
قالت الإمامية: قد عرفناكم إننا ننزل (4) على حكمكم في النظر، ولا نتجاوز (5) طريقكم (6) في الاحتجاج (7) ولا نحدث شيئا يخالف معتمدكم في الكلام.
فإن كنا على عصبية وهوى فأنتم قدوتنا فيه (8) والكيسانية وساير أهل الخلاف لنا جميعا تحكمون (9) علينا في تفضيل الحسن والحسين عليهما السلام على إخوتهما بمثل ما حكمتم به علينا من العصبية والضلال تحكم (10) علينا
Halaman 33
جميعا في تفضيل الحسن والحسين على عبد الله بن عمر بن الخطاب وأسامة بن زيد و عبد الله بن العباس بالعصبية والهوى والتقليد والضلال، فبأي شئ تتفضلون (1) منه فهو فضلنا منكم على البيان؟
قالت الجارودية: فإنا نقول: إن الإمامة في الحسن والحسين عليهما السلام بالنص من رسول الله صلى الله عليه وآله ولو وجدنا على إخوتهما نصا لما اختصصناهما بها (2) دونهم.
قالت الإمامية: هذا كالأول - وفيه بطلان توهم من اعتمد ولد الحسن (3) عليه السلام على حصولها في أبيهم من قبل - فإن القول في اختصاص ولد الحسين عليه السلام بالإمامة لوجود (4) النص من الرسول (5) وأمير المؤمنين أو الحسن أو الحسين عليهم السلام (6) على ولد الحسن (7) لما حصرنا (8) الإمامة في ولد الحسين عليه السلام.
قالت الجارودية: ما نعرف هذه النصوص التي تدعونها ولا يصح (9) عندنا ولا تثبت (10) فدلوا على حقكم فيها.
قالت الإمامية: هذا هو قول الكيسانية لنا جميعا في إمامة الحسن
Halaman 34
والحسين عليهما السلام وتعلقنا بالنص عليهما (1) وقول المعتزلة والمرجئة والحشوية والخوارج وحكمهم على بطلان دعوانا في ذلك وأنها غير ثابتة ولا صادقة ومطالبتهم لنا بالحجة عليها.
فماذا يكون جوابنا لهم دنونا على وجه نعتمده (2)، وإلا فنحن جميعا (3) على ضلال!
قالت الجارودية: فقد ورد الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا يعني الحسن والحسين عليهما السلام وهذا نص صريح.
قالت الإمامية: وقد ورد الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
إن الله (تعالى (4)) اختارني نبيا واختار عليا لي وصيا واختار الحسن والحسين وتسعة من أولاد الحسين أوصياء إلى أن يقوم (5) الساعة في أمثال هذا الحديث في لفظه ومعناه.
ووردت الأخبار بقصة اللوح الذي أهبطه الله على نبيه صلى الله عليه وآله فدفعه إلى فاطمة عليها السلام فيه أسماء الأئمة من ولد الحسين عليا السلام والنص على إمامتهم إلى آخرهم بصريح المقال.
قالت الجارودية: هذه خرافات وأخبار موضوعات، وإلا فدلوا على صحتها ببرهان.
Halaman 35
قالت الإمامية: هكذا تقول (1) لنا جميعا (2) الكيسانية في الخبر الذي أثبتناه في النص على الحسن والحسين عليهما السلام وتقول (3) لنا الناصبة بأسرهم فيه يحكمون بأنه (4) خرافة وموضوع فبأي شئ انفصل (5) بيننا وبينهم فهو فصل لنا منكم بغير إشكال.
قالت الجارودية: كيف يثبت أخباركم في النص على ولد الحسين عليه السلام وهي غير معروفة عند ولد الحسن عليه السلام؟ اللهم إلا أن تحكموا عليهم من دعوى الإمامة لأنفسهم بالعناد!
قالت الإمامية: لسنا نقطع على أن المدعين الإمامة (6) من ولد الحسن عليه السلام كانوا عارفين بالنصوص على غيرهم من الأئمة فسلكوا في خلافها طريق العناد، ولا نحكم أيضا عليهم فيما ادعوه من ذلك بالضلال الموجب للتأويل (7) بخبر العفو عنهم في ذلك ونرجوا (8) لهم فيه الغفران، فلا يمتنع أن يكون ما هم فيه لنصرة الدين وما نالهم به القتل والآلام مكفرا لزللهم في دعوى الإمامة ومثمرا لهم كثيرا من الثواب ومن أصحابنا من يقطع بالجنة لجميع ولد فاطمة عليها السلام فهو يحكم لهم بالتوبة قبل خروجهم من الدنيا فيما بينهم وبين الله عز وجل وإن لم يظهر ذلك للعباد.
Halaman 36
(فصل) (1):
وبعد (2) فإن مقالتكم لنا في هذا الباب كمقال الناصبة لنا جميعا فيما ذهبنا إليه في النص على أمير المؤمنين عليه السلام وذلك أنهم قالوا لنا: كيف يثبت أخباركم في ذلك وهي غير معروفة عند أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن والمهاجرين بأسرهم والأنصار (3) والتابعين لهم بإحسان، اللهم إلا أن تحكموا على الخلفاء الراشدين بالعناد والخروج عن الإيمان وتضللوا (4) الصحابة من المهاجرين والأنصار وتفسقوا التابعين (5) بإحسان وتشهدوا على الجماعة بالردة عن الاسلام، وهذا من أفحش المقال.
قالت الجارودية: ما يمنع من الحكم على من خالف الحق بالضلال وإن كانوا صحابة وتابعين للأصحاب (6) إذ الواجب (7) المرور مع البرهان دون التقليد للرجال.
قالت الإمامية: فارضوا منا بمثل ما رضيتموه لأنفسكم في هذا الباب، فإنا قوم مع الحجة والبرهان، ولسنا ندفع خطأ جماعة من ولد أمير
Halaman 37
المؤمنين عليه السلام ولا نمنع (1) من جواز السهو عليهم والشبهات (2) ولا يجب بذلك من مذهبنا علينا الحجة ولا يلزمنا به من عقد بإفساد (3) هذا مع ما بيناه لكم من قولنا في القوم وأوضحنا عن معناه ما لا تمكننا (4) وإياكم مثله في المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام ومن اتبعهم من الصحابة (5) في الضلال وهو عند جميع الناصبة بدع في المقال يقارب الردة عن الاسلام والشناعة به علينا جميعا عند الجمهور أعظم من الشناعة بقولنا في ولد الحسن (6) عليه السلام وغيرهم وغيرهم ممن ادعى الإمامة من بني هاشم وسائر الناس.
قالت الجارودية: ما ندري ما تقولون، إلا أن الحكم منكم بخطأ ولد فاطمة عليها السلام فيما ادعوه من الإمامة التي يوجبونها (7) لغيرهم منهم يدل على عصبية منكم عليهم وعداوة لها (8) وعناد.
قالت الإمامية: س الأمر كما تدعون، وقد بينا لكم عن عقدنا فيهم ومودتنا لهم وإشفاقنا عليهم ورجائنا فيهم بما لا نحيل (9) الحق فيه على العقلاء.
وبعد، فما الفصل بينكم وبين الناصبة إذا قالوا قد بانت لنا عداوتكم
Halaman 38
لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وعصبيتكم (1) عليهم (2) وبغضكم لهم وبغضكم لحقهم عليكم (3) وطعنكم بذلك في الاسلام.
مع ما بأن من قولكم في حصر الإمامة في ولد فاطمة عليها السلام من العداوة لبني عم الرسول صلى الله عليه وآله من الخلفاء، وتضليلكم جميع من ادعى الإمامة من ولد جعفر بن أبي طالب عليه السلام (وولد محمد بن علي بن أبي طالب) (4) عليه السلام، وتجريدكم الطعن على جعفر بن محمد عليهما السلام في تأخره عن نصرة عمه زيد، وعلى موسى بن جعفر وقد ظهر دعاؤه (5) إلى نفسه حتى حبسه هارون إلى أن مات، وعلى الرضا علي بن موسى عليهما السلام وقد ولي العهد من قبل المأمون وأنكر على أخيه زيد بن موسى الخروج على السلطان.
وظهرت عداوتكم أيضا لكل إمام من ولد أمير المؤمنين عليه السلام لتضليلكم (6) لهم في الاعتقاد.
فقولوا في هذا الباب ما شئتم وتخلفوا مما اعتمدتموه في الحجاج من الشناعات.
قالت الجارودية: فإن لنا حجة في اختصاص الحسن والحسين عليهما السلام وولدهما بالإمامة دون غيرهم من ولد أمير المؤمنين عليه السلام وسائر بني هاشم وكافة الناس وهي قول النبي صلى الله عليه وآله: إني مخلف فيكم
Halaman 39
ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن (1) يفترقا حتى يردا علي الحوض.
قالت الإمامية: هذا الخبر بأن يكون حجة لمن جعل الإمامة في جميع بني هاشم أولى من أن يكون حجة لمن جعلها في ولد فاطمة عليها السلام لأن جميع بني هاشم عترة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته بلا اختلاف، وإلا فإن اقترحتم فيه الحكم على أنه مصروف إلى ولد فاطمة عليها السلام اقترح خصومكم من الإمامية الحكم به (2) على أنه من ولد فاطمة في ولد الحسين بعده وبعد أخيه الحسن عليه السلام.
فلا تجدون (3) منه فصلا.
قالت الجارودية: فإن العترة في اللغة هم اللباب (4) والخاصة، من ذلك قيل: عترة (5) المسك، يراد به خاصته (6) وذلك موجب لكون عترة النبي صلى الله عليه وآله ورثته دون غي هم من بني هاشم (7).
قالت الإمامية: أجل عترة النبي صلى الله عليه وآله، خاصته ولبابه كما استشهد تم به في المسك، لكنه ليس اللباب والخاصة هم الذرية دون الأخوة والعمومة وبني العم، ولو كان الأمر على ما ذكرتموه خرج أمير المؤمنين عليه السلام من العترة، وهو سيد الأئمة وأفضلها، لخروجه من جملة الذرية،
Halaman 40
وهذا باطل بالاتفاق.
قالت الجارودية: فهذا (1) يلزم الإمامية فيجب (2) أن يكون (3) العباس وولده وعبد شمس وولده داخلين في جملة العترة التي خلفها النبي صلى الله عليه وآله في أمته (4) إذا كانت العترة تتعدى الورثة إلى غيرها من الأهل، وهذا نقض (5) مذهب الشيعة.
قالت الإمامية: هذا يلزمنا (6) لو تعلقنا في الإمامة باسم العترة كما تعلقت الزيدية، لكنا لا نعتمد على ذلك (7) ولا نجعله أصلا لنا (8) في الحجة وكيف (9) يوجه علينا ما ظننتموه لولا التحريف في الأحكام.
قالت الجارودية: فهب إنكم لم تعتمدوا في تخصيص ولد الحسين عليه السلام بالإمامة على قول النبي صلى الله عليه وآله إني مخلف فيكم (10) الكتاب والعترة كما اعتمدنا نحن ذلك في تخصيص ولد فاطمة عليها السلام بها، ألستم تثبتون هذا الخبر وتجعلونه حجة لكم في الإمامة من وجه من الوجوه؟
فما الذي يمنع من قول (11) خصومكم إنه يوجب الإمامة (12) في جميع بني
Halaman 41
هاشم أو (1) قريش على اختلافهم في هذا الباب، إذ (2) كانت العترة عندكم تفيد الذرية وغيرها من الآل؟
قالت الإمامية: نحن وإن احتججنا بقول النبي صلى الله عليه وآله:
إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ومن بعده من الأئمة عليهم السلام فإنا نرجع فيه إلى معناه المعلوم بالاعتبار وهو أن عترة الرجل كبار أهله وأجلهم وخاصتهم في الفضل ولبابهم.
وقد ثبت عندنا بأدلة من غير هذا الخبر فضل أمير المؤمنين عليه السلام في وقته على سائر أهل بيت النبي عليهم السلام وكذلك فضل الحسن والحسين عليهما السلام من بعده وفضل الأئمة من ولد الحسين عليه السلام على غيرهم من كافة الناس، فوجب لذلك أن يكون المخلفون فينا من جملة الرسول صلى الله عليه وآله هم، دون (3) من سواهم على ما ذكرناه، وأنهم العترة للنبي صلى الله عليه وآله من جملة أهله لما بيناه.
ووجه آخر: وهو أن لفظ الخبر في ذكر العترة عموم مخصوص بما اقترن إليه من البيان من قوله عليه السلام: " إنهم لا يفارقون الكتاب " وذلك موجب لعصمتهم من الآثام ومانع من تعلق السهو بهم والنسيان، إذ لو وقع منهم عصيان أو سهو في الأحكام لفارقوا به القرآن فيما ضمنه البرهان.
وإذا (4) ثبتت (5) عصمة أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من ولده بواضح البيان ثبت أنهم المرادون بالعترة من ذكر الاستخلاف.
Halaman 42
وهذا خلاف مذهب الجارودية في الأئمة ولو انتحلوه لنا (1) في أصولهم من دفع الخصوم (2) إلى أن هيئ (3) طريق العلم بما ذكرناه من العصمة والفضل على الأنام.
(فصل آخر) فإن قال قائل: قد وضح عندي قصور الزيدية عن الاحتجاج لصحة مقالهم وبان وثبتت (4) الحجة عليهم فيما عارضتموهم به من الكلام غير أني لم أجدكم رددتم (5) عليهم من الدعوى التي بها ظهر عجزهم (6) عن الحجاج (7).
فهل ترجعون في إثبات الحق بما انفردتم به منهم إلى دليل يختص به مذهبكم على البيان أم تقتصرون (8) على الدعوى التي لا حجة فيها عند أحد من العقلاء فتشاركوهم (9) في العجز والحكم عليهم بالخطأ في الرأي والاعتقاد؟.
Halaman 43
قيل له: لسنا نقتصر (1) فيما ذهبنا إليه من إمامة أئمتنا عليهم السلام على ما لجأ إليه مخالفونا في مذاهبهم (2) الذي أفسدناه بالحجاج، وبينا (3) عن تعري قولهم فيه من البرهان بل نعتمد أدلة في صوابه لا يمكن الطعن فيها مع الإنصاف.
فإن قال: ثبتوا (4) لي موضع الحجة على ما تذهبون إليه في الإمامة وحصرها في ولد الحسين عليه السلام بعده وبعد أخيه وأبيهما أمير المؤمنين عليه السلام (5) بعده بما يباين (6) حجة الزيدية الراجعة إلى محض الدعاوي العرية من البيان؟
. قيل له: الكلام في أعيان الأئمة عليهم السلام فرع على أصول في صفاتهم الواجبة لهم بصحيح الاعتبار، فمتى لم تستقر هذه الأصول لم يمكن القول في فروعها من التعيين على ما ذكرناه.
فمن (7) ذلك: وجوب وجود إمام في كل زمان.
لما يجب من اللطف للعباد، وحس التدبير لهم والاستصلاح (8) لحصول العلم بأن الخلق يكونون أبدا عند وجود الرئيس العادل أكثر صلاحا منهم وأقل فسادا عند الانتشار وعدم السلطان.
Halaman 44
ومنها (1): أن الإمام معصوم من العصيان مأمون عليه (2) السهو والنسيان.
لفساد الخلق بسياسة من يقارف الآثام (3)، ويسهو عن الحق في الأحكام، ويضل عن الصواب وحاجة (4) من هذه صفته إلى رئيس يكون من ورائه لينبهه عند الغفلة ويقومه عند الاعوجاج.
ومنها: أنه يجب أن يكون عالما بجميع ما يحتاج (5) إليه الأمة في الأحكام.
وإلا، لحقه العجز فيها واحتاج (6) إلى مسدد له وإمام.
ومنها: وجوب فضلة على كافة رعيته في الدين عند الله.
لتقدمه (7) على جماعتهم في التعظيم الديني (قولا وفعلا بلا ارتياب، واستحالة وجوب التقدم في التعظيم الديني) (8) لمن غيره أفضل منه عند الله، كما يستحيل إيصال أعظم الثواب إلى من غيره أفضل عملا منه عند الله تعالى.
وإذا ثبتت (9) هذه الأصول وجب إبانة الإمام من رعيته بالنص على
Halaman 45
عينه والعلم المعجز الخارق للعادات، إذ لا طريق إلى المعرفة بمن يجتمع (1) له هذه الصفات إلا بنص الصادق عن الله تعالى، أو المعجز (2) على ما ذكرناه.
كما أنه لا طريق إلى المعرفة بالنبوة (3) والرسالة الواردة عن الله جل اسمه إلا بنص نبي تقدم (4)، أو معجز باهر للعقول حسب ما وصفناه.
وإذا وجب النص على أعيان الأئمة عليهم السلام ولم نجد ذلك في أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله على الدعوى أو البيان إلا في أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة من ولده عليهم السلام ثبت (5) أنهم الأئمة بشاهد العقل وإيجابه لصحة الأصول المقررة على ما قدمناه.
(فصل) فإن قال قائل من أهل الخلاف: إن النصوص التي يروونها الإمامية موضوعة والأخبار بها آحاد، وإلا فليذكروا طرقها أو يدلوا على صحتها بما يزيل الشك فيها والارتياب.
قيل له: ليس يضر الإمامية في مذهبها الذي وصفناه عدم التواتر في أخبار النصوص على أئمتهم عليهم السلام، ولا يمنع من الحجة لهم بها كونها أخبار آحاد لما اقترن إليها من الدلائل العقلية فيما سميناه وشرحناه من
Halaman 46