المسألة الثالثة: ما بال الدغدغة إنما تكون فى الإبطين وتحت القدم؟ ولم يضحك الإنسان إذا دغدغ؟ — نقول: إن الدغدغة ليست فى جميع الأعضاء، وإنما تكون فى المواضع الرقيقة العادمة اللحم الكثيرة العصب الحاس. فإذا مست اليد الجلد الحاس ضغطت العصب الحاس. فإذا ضغطت الأعضاء الحاسة فكثر حسها نم على الدغدغة. وقد يكون فى الدغدغة لذة ووجع: وقد تكون اللذة لنفى اليد الفضول من الموضع بحركة الدغدغة، والحرارة المتولدة من الدغدغة. وقد يكون الوجع لكثرة الحس بضغط اليد، فاللذة تهيج الضحك، ولكثرة الحس والضغط يألم الموضع وييجع. وإن كثرت الدغدغة وكثر التحليل، كثرت الحرارة وهاجت، وإذا كثرت الحرارة أهاجت الغضب، فيكون الغضب مكان الضحك لكثرة الدغدغة. وإن المواضع اللحمية وما أشبهها لا تكون فيها الدغدغة لغلظ الجلد وكثرة اللحم وقلة الحس.
[chapter 4]
المسألة الرابعة: كيف يكون النوم؟ ولم احتاجت الطبيعة إلى النوم؟ — نقول إن الإنسان مرغم عليه، والعلة فى ذلك أن الإنسان دائم الفكر، وحواسه أيضا دائمة الفعل، والحواس والفكر إنما فى الدماغ، فلذلك صار الدماغ أكثر تعبا من سائر الحيوان، ولكثرة التعب تحللت الرطوبة التى فى الدماغ أكثر من تحللها من سائر الحيوان ولكثرة تحللها يجف الدماغ. فإذا جف الدماغ وتعب، احتاج إلى الراحة والترطيب، فاحتالت الطبيعة بالنوم للراحة والترطيب، وذلك لأن النوم هو سكون الحواس، وإذا سكنت الحواس استراحت ورطبت. والدليل على ذلك أنا إذا عدمنا النوم احتجنا الرطوبة واستعملنا الأشياء الرطبة لتنيمنا، وإن الدماغ قد يحس بألم السهر وبلذة النوم. فلهذه العلة ولهذا السبب احتاجت طبيعة الإنسان النوم.
Halaman 45