Masabih Satica
المصابيح الساطعة الأنوار
Genre-genre
وكذلك أثبتها في موضع ولم يردها، ولا أصل لها في المعنى، وإنما جاءت ظاهرة في اللفظ، وذلك قول الله سبحانه: ((لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله)) [الحديد:29].
فقال: ((لئلا يعلم)) فخرج معنى اللفظ معنى نفي، وإنما معناه معنى إيجاب، أراد الله سبحانه لأن يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله، فأثبتها وهو لا يريدها، فخالف اللفظ المعنى عند من لا يعرف تفسيرها، ولا يقف على معانيها.
وفي الدليل على أن هذا الفعل لغة من لغات العرب، أفصح لغاتها عندها وأثبتها في ألسنتها قول شاعر من شعرائهم في طرحها وهو يريدها:
بيوم جدود لافضحتم أباكم .... وسالمتم والخيل يدمى شكيمها
فقال: لا فضحتم أباكم، فأثبت فيها لا، وليس يريدها، ولا لها معنى، وإنما معناها: بيوم جدود فضحتم أباكم، وقال آخر من شعراء العرب في طرحها وهو يريدها:
نزلتم منزل الأضياف منا .... فعجلنا القرى أن تشتمونا
فطرح لا كما طرح اللام فخرج معنى الكلام معنى إيجاب، وإنما معناه معنى نفي، أراد لئلا تشتمونا، وطرح لا وهو يريدها فعلى ذلك يخرج معنى قوله سبحانه: ((عم يتسآلون} فطرح النون من عم لما ذكرنا من الحجة فيها أولا ، وطرح الألف من ما لما ذكرنا من استخفاف العرب لها ، واستعمال ذلك في لغتها فبقيت {عم يتسآلون} مشددة ، شددت لإدغام النون في الميم .
Halaman 329