154

Marwiyat Ghazwat Al-Hudaybiyyah: Compilation, Authentication, and Study

مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة

Penerbit

مطابع الجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

Edisi

١٤٠٦هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

والذي حبس الفيل عن مكة هو الله سبحانه، وإذن فالله هو الذي حبس ناقة رسول الله ﷺ في الحديبية ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
وحين أدرك رسول الله ﷺ ذلك الأمر أصدر التصريح الذي غير به موقفه الأول إلى ذلك الموقف السمح المتجاوب، فكان له الأثر الفعال في نجاح الصلح حيث كان الجانب الإيجابي في مقابل سلبيات قريش.
(ب) السبب في انصياع قريش للصلح:
أما السبب الذي ألجأ قريشًا لقبول الصلح والرضا به، فيرجع إلى بيعة الصحابة لرسول الله ﷺ مع ملابسات أخرى، وتوضيح ذلك:
لما هب الصحابة رضوان الله عليهم إلى رسول الله ﷺ فبايعوه على القتال حتى يفتح الله عليهم أو يموتوا كان قد حضر ذلك المشهد بعض رسل قريش، فأذهلهم الأمر ثم نقلوا تلك الصورة إلى قومهم، فأحدثت في أنفسهم هزة عنيفة جعلت منهم آذانًا صاغية لقبول الصلح، فقد جاء في مرسل عروة بن الزبير عند البيهقي ما نصه: "ودعا رسول الله ﷺ إلى البيعة ونادى منادي رسول الله ﷺ ألا إن روح القدس قد نزل على رسول الله ﷺ فأمر بالبيعة فاخرجوا على اسم الله، فبايعوا فثاب المسلمون إلى رسول الله ﷺ وهو تحت الشجرة، فبايعوه على ألا يفروا أبدًا، فرعبهم الله فأرسلوا من كانوا ارتهنوا من المسلمين، ودعوا إلى الموادعة والصلح"١.
فهذا النص يبرز لنا مدى تأثير البيعة في نفوس المشركين.
وقد عزز أثر تلك البيعة ملابسات أخرى من قبل رسل المشركين أنفسهم:
فعروة بن مسعود حين رجع إلى قريش عظم لهم شأن رسول الله ﷺ وذكره لهم من أفعال الصحابة ما يبرهن على أنهم لن يسلموا رسول الله ﷺ لشيء أبدًا وأنهم سيبذلون نفوسهم دونه، ثم نصح قريشًا بقبول الهدنة، وأن يخلوا بين المسلمين وما جاءوا له.
فقد جاء في حديث المسور ومروان من رواية معمر ما نصه:
"فرجع عروة إلى أصحابه فقال أي قوم والله لقد وفدت على قيصر وكسرى

١ دلائل النبوة ٢، لوحة ٢٢٨، وتقدم الكلام على سنده، انظر حديث رقم (٦٥) .

1 / 160