والتقيت به مرة أخرى في صالون المنيرة، ثم دعي للتدريس في إحدى الجامعات العربية فسافر خارج القطر وانقطعت عني أخباره.
مجيدة عبد الرازق
في زيارة لسالم جبر في مكتبه بجريدة المصري عام 1950 قدم لي فتاة حسناء قائلا: مجيدة عبد الرازق محررة الصفحة النسائية.
كانت في الثلاثين من عمرها، رشيقة القوام، تطالعك من عينيها السوداوين نظرة ذكية جذابة، ولها شخصية قوية تفرض نفسها لدى أول اتصال، والتقيت بها للمرة الثانية في حفل انتخابي أقامه الدكتور زهير كامل للدعاية لنفسه فسألتها: إذن فأنت وفدية؟
فقالت باسمة: أنا تلميذة للدكتور زهير كامل. - آداب؟ - قسم الصحافة. - ووفدية؟ - أبعد من ذلك بكثير!
فتساءلت وأنا أنظر في عينيها الجميلتين: ماذا تعنين؟
فابتسمت ولم تجب. والتقيت بها للمرة الثالثة في بيت زهير كامل فشعرت بأننا ننتقل من مرحلة التعارف الودي إلى مرحلة الصداقة الحقيقية، وعقب ذهابها قال لي الدكتور زهير كامل: إنها مثقفة ثقافة تستحق التقدير وذات شخصية محترمة.
فقلت بحماس: أعتقد ذلك.
وهو يبتسم: وهي شيوعية أيضا! - شيوعية؟! - امرأة مصرية معذبة من ضحايا فترة الانتقال.
وجمعت بيننا صداقة وطيدة واحترام متبادل، وكنا نجتمع في أوقات متفرقة بجروبي مع نفر من الأصدقاء، فتجالسنا مجالسة الأنداد، وتتجاهل إيماءات الغزل التي توجه إليها أحيانا، باعتبارها عبثا صغيرا؛ إذ لم تكن تتبع الحيل النسائية البالية، ولا تحترم القيم البرجوازية، ولكنها كانت تنشد دائما العاطفة الصادقة الأصيلة. قالت لي يوما: حذار أن تظن بي البرود!
Halaman tidak diketahui