Maratib
كتاب المراتب في فضائل أمير المؤمنين و سيد الوصيين(ع)
Genre-genre
وربما يقال: إذا قطع على الشيء أنه من الدين، فقوله حجة، وإذا قال من طريق الأجتهاد، فإنه يجوز مخالفته، ولهذا قال له عبيدة في بيع امهات الأولاد حين قال:
«رأيي ورأي عمر أن لا يبعن»، «رأيك مع الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك».
ولن ينكر عليه، ولو كان اجتهاده حجة قاطعة كان ينكر عليه.
وليس الأمر كذلك، فإن الرسول فيما يحكم به من طريق الاجتهاد- لا في الدين- فإنه يجوز خلافه، ولهذا لما أراد النزول يوم بدر دون الماء، في بطن الوادي، قال له أصحابه، إن كان نزولك هذا عن وحي نزل، فالسمع والطاعة، وإن كان هذا رأيا رأيته، فليس هذا منزل مكيدة، فقام وارتحل وترك اجتهاد نفسه.
وقال أصحابنا (1): إن اجتهد في الدين، لم تسع مخالفته، كذلك إذا اجتهد أمير المؤمنين (عليه السلام) في الدين، لم يسوغ خلافه، [و] كان ذلك حجة، وإذا لم نقطع بأنه دين الله، وسوغ الخلاف لمن خالفه، فإنما يسمع خلافه لأنه سوغه، وهو حجة.
فتحريم المخالفة وتحليلها، فيما يفتي في الدين، موقوف عليه.
ومن عجيب أمره في هذا الباب، أن لا شيء في علوم الدين إلا وأهله يجعلونه قدوة وقبلة:
فإن أهل النحو يرجعون إلى ذلك من هدايته، وذلك أن أبا الأسود الدؤلي (2) كان له صبي يقوده، وكان يمشي في الرمل الحامي، فتحرق رجله.
فقال: ما أشد الحر.
فقال أبو الأسود الدؤلي: حر تهامة.
والصبي أراد ما أشد الحر الذي يحرق رجلي، فلما كرر الصبي وكرر عليه، بكى
Halaman 154