قال الرواة: فوضع على رءوسهم شيئا من تراب ومضى لميعاده مع أبي بكر. فخرجا من مكة مستخفيين حتى انتهيا إلى غار ثور، فأويا إليه ينتظران أن ينقطع طلب قريش لهما، ومكثا في الغار ثلاثة أيام يأتيهما قوتهما كل يوم.
قال أصحاب السيرة: وأصبح الرصد فعلموا أن النبي قد خرج وأنه قد فاتهم، فسقط في أيديهم، وجدت قريش في طلب النبي وصاحبه.
ويتحدث أصحاب السيرة بأن فريقا من الذين جدوا في طلبهما قد بلغوا غار ثور، ذاك الذي أويا إليه، فلم يخطر لهم أنهما يستخفيان فيه، ولو قد نظروا تحت أقدامهم لرأوهما.
والشيء الذي ليس فيه شك هو أن أبا بكر قد كان قلقا في الغار يخشى أن يدركهما الطلب، وأن النبي كان يهدئ من روعه، بذلك جاءت الآية الكريمة في سورة التوبة:
إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم .
وكان أبو بكر قد أعد للسفر كل شيء، فلما قدرا أن طلب قريش لهما قد انقطع مضيا في طريقهما إلى يثرب فبلغاها، واستقبل النبي فيها أحسن استقبال، فرح به أنصاره من الأوس والخزرج في يثرب، وفرح به أصحابه الذين هاجروا قبله إليها. ومنذ ذلك اليوم الذي بلغ النبي فيه يثرب، فتحت أمامه وأمام دعوته طريق جديدة.
13
كان مقام النبي
صلى الله عليه وسلم
بمكة منذ نبئ إلى أن هاجر ثلاث عشرة سنة - فيما يقول جمهور الرواة - لقي فيهن من الجهد ما لقي، وصبر فيهن على الجهد ما صبر، وتأسى به أصحابه ما استطاعوا إلى التأسي به سبيلا، وأنزل فيهن عليه من القرآن شيء كثير.
Halaman tidak diketahui