Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Penyiasat
محمد أمين الصناوي
Penerbit
دار الكتب العلمية - بيروت
Nombor Edisi
الأولى - 1417 هـ
Genre-genre
من بعد الرسل من الأمم المختلفة بأن جعلهم متفقين على اتباع الرسل المتفقة على كلمة الحق ولكن اختلفوا في الدين. فمنهم من آمن بما جاءت به أولئك الرسل من كل كتاب وعملوا به. ومنهم من كفر بذلك فإن اختلافهم في الدين يدعوهم إلى المقاتلة. ولو شاء الله ما اقتتلوا وهذا التكرير ليس للتأكيد بل للتنبيه، على أن اختلافهم ذلك ليس موجبا لعدم مشيئته تعالى لعدم اقتتالهم، بل الله تعالى مختار في ذلك حتى لو شاء بعد ذلك عدم اقتتالهم ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد (253) فيوفق من يشاء ويخذل من يشاء لا اعتراض عليه في فعله. يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم أي تصدقوا بشيء مما أعطيناكم من الأموال في طاعة الله من قبل أن يأتي يوم لا بيع أي فداء فيه ولا خلة أي مودة ولا شفاعة للكافرين.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالفتح في «بيع» «خلة» و «شفاعة» . والباقون جميعا بالرفع والكافرون هم الظالمون (254) حيث تركوا تقديم الخيرات ليوم حاجتهم وأنتم أيها الحاضرون لا تقتدوا بهم ولكن قدموا لأنفسكم ما تجعلونه يوم القيامة فدية لأنفسكم من عذاب الله تعالى.
وقيل: المعنى: والتاركون للزكاة هم الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعقاب. الله لا إله أي لا معبود بحق موجود إلا هو الحي أي الباقي الذي لا سبيل عليه للموت والفناء القيوم أي دائم القيام بتدبير الخلق وحفظه في الإيجاد والأرزاق لا تأخذه سنة أي نعاس ولا نوم ثقيل فيشغله عن تدبيره وأمره أي لا يأخذه نعاس فضلا عن أن يأخذه نوم. له ما في السماوات وما في الأرض وهذا رد على المشركين العابدين لبعض الكواكب التي في السماء وللأصنام التي في الأرض، أي فلا تصلح أن تكون معبودة لأنها مملوكة لله مخلوقة له. من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه أي لا يشفع عنده أحد من أهل السموات والأرض يوم القيامة إلا بأمره. وهذا رد على المشركين حيث زعموا أن الأصنام تشفع لهم فإنه تعالى لا يأذن في الشفاعة لغير المطيعين. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم أي يعلم ما قبلهم وما بعدهم أو ما فعلوه من خير وشر وما يفعلونه بعد ذلك. ولا يحيطون بشيء من علمه أي بقليل من معلوماته إلا بما شاء أن يعلموه أي أن أحدا لا يحيط بمعلومات الله تعالى إلا ما شاء هو أن يعلمهم. أو المعنى أنهم لا يعلمون الغيب إلا عند إطلاع الله بعض أنبيائه على بعض الغيب. وسع كرسيه السماوات والأرض فالكرسي جسم عظيم تحت العرش وفوق السماء السابعة. وهو أوسع من السموات والأرض.
ولا يؤده حفظهما أي لا يثقل عليه تعالى حفظ السموات والأرض بغير الملائكة. وهو العلي أي المتعالي بذاته عن الأشباه والأنظار. العظيم (255) أي الذي يستحقر كل ما سواه بالنسبة إليه. فهو تعالى أعلى وأعظم من كل شيء.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما قرئت هذه الآية في دار إلا هجرتها الشياطين ثلاثين
Halaman 93