Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Editor
محمد أمين الصناوي
Penerbit
دار الكتب العلمية - بيروت
Nombor Edisi
الأولى - 1417 هـ
Genre-genre
والمعنى لا يهديهم إلى الجنة فيقول لهم مشيرا إلى خروجهم عن عهدة الرسالة ماذا أجبتم أي أي إجابة أجابكم بها أممكم حين دعوتموهم في دار الدنيا إلى توحيدي وطاعتي أهي إجابة قبول أو إجابة رد؟ قالوا تفويضا للأمر إلى العدل الحكيم العالم وعلما منهم أن الأدب في السكوت والتفويض وأن قولهم لا يفيد خيرا ولا يدفع شرا: لا علم لنا أي لأنك تعلم ما أظهروا وما أضمروا ونحن لا نعلم إلا ما أظهروا لنا فعلمك فيهم أنفذ من علمنا ولأن الحاصل عندنا من أحوالهم هو الظن وهو معتبر في الدنيا لأن الأحكام في الدنيا مبنية على الظن، وأما الأحكام في الآخرة فهي مبنية على حقائق الأشياء وبواطن الأمور ولا عبرة بالظن في القيامة فلهذا السبب قالوا: «لا علم لنا» إنك أنت علام الغيوب (109) أي فإنك تعلم ما أجابوا وأظهروا لنا وما لم نعلمه مما أضمروه في قلوبهم.
وقرئ «شاذا علام الغيوب» بالنصب إما على الاختصاص أو على النداء، أو على أنه بدل من اسم «إن» . والكلام قد تم بقوله تعالى: إنك أنت أي أنت متصف بصفاتك السنية قال الله بدل من يوم يجمع الله ويجوز أن يكون موضع إذ رفعا بالابتداء على معنى ذاك إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس أي اذكر إنعامي عليكما إذ طهرت أمك واصطفيتها على نساء العالمين وقويتك بجبريل لتثبت الحجة تكلم الناس في المهد أي طفلا بقولك: إني عبد الله [مريم: 30] الآية وكهلا أي إذا أنزله الله تعالى إلى الأرض أنزله وهو في صورة ابن ثلاث وثلاثين سنة وهو الكهل فيقول لهم: إني عبد الله كما قال في المهد وإذ علمتك الكتاب أي الكتابة وهي الخط والحكمة أي العلوم النظرية والعلوم العملية والتوراة والإنجيل وذكر الكتابين إشارة إلى الأسرار التي لا يطلع عليها أحد إلا أكابر الأنبياء عليهم السلام فإن الاطلاع على أسرار الكتب الإلهية يحصل إلا لمن صار ربانيا في أصناف العلوم الشرعية والعقلية الظاهرة التي يبحث عنها العلماء وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير أي تصور منه هيئة مماثلة لهيئة الطير بإذني أي بأمري فتنفخ فيها أي في الهيئة المصورة فالضمير راجع للكاف وهي دالة على الهيئة التي هي مثل هيئة الطير فتكون طيرا بإذني أي فتصير تلك الصورة خفاشا تطير بين السماء والأرض بإرادتي وتبرئ الأكمه أي الأعمى المطموس البصر والأبرص بإذني أي بأمري وإرادتي وقدرتي وإذ تخرج الموتى من قبورهم أحياء بإذني أي بفعلي ذلك عند دعائك وعند قولك للميت: اخرج بإذن الله من قبرك وإذ كففت بني إسرائيل عنك أي منعت اليهود الذين أرادوا قتلك عن مطلوبهم بك إذ جئتهم بالبينات بما ذكر وما لم يذكر كالإخبار بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ونحو ذلك فأل للجنس فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين (110) .
Halaman 301