Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Penyiasat
محمد أمين الصناوي
Penerbit
دار الكتب العلمية - بيروت
Nombor Edisi
الأولى - 1417 هـ
Genre-genre
وهي: البدن. ولا تحلوا قوما قاصدين زيادة المسجد الحرام بصدهم عن ذلك بأي وجه كان.
وقرأ عبد الله «ولا آمي البيت الحرام» بالإضافة حال كونهم مبتغين فضلا من ربهم بالتجارة المباحة، أو المعنى طالبين ثوابا من ربهم ورضوانا. وقرأ حميد بن قيس
الأعرج «تبتغون» بالتاء على خطاب المؤمنين. فالجملة حينئذ حال من الضمير في «لا تحلوا» وإضافة الرب إلى ضمير «الآمين» للإشارة إلى اقتصار التشريف عليهم وإذا حللتم فاصطادوا والأمر للإباحة أي وإذا خرجتم من الإحرام والحرم فلا جناح عليكم في اصطياد حيوان البرية ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا أي ولا يحملنكم بغضكم لقوم من أهل مكة بمنعهم، إياكم عن المسجد الحرام أي عن العمرة عام الحديبية على ظلمكم عليهم وانتقامكم منهم للتشفي من البغض.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير «إن صدوكم» بكسر الهمزة على أنه شرط معترض أغنى عن جوابه «لا يجرمنكم» . والمعنى إن وقع صد مثل ذلك الصد الذي وقع عام الحديبية وهي سنة ست، على أن نزول هذه الآية عام الفتح وهو سنة ثمان غير مجمع عليه وتعاونوا على البر والتقوى أي على متابعة الأمر ومجانبة الهوى ولا تعاونوا على الإثم أي المعصية للتشفي والعدوان أي التعدي في حدود الله للانتقام. واتقوا الله في جميع الأمور ولا تستحلوا شيئا من محارمه إن الله شديد العقاب (2) لمن لا يتقيه فلا يطيق أحد عقابه حرمت عليكم الميتة أي حرم عليكم أكل ما فارقته الروح من غير ذبح شرعي وكان أهل الجاهلية يقولون: إنكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله.
واعلم أن تحريم الميتة موافق لما في العقول، لأن الدم جوهر لطيف جدا فإذا مات الحيوان حتف أنفه احتبس الدم في عروقه، وتعفن وفسد وحصل من أكله مضار عظيمة، والدم أي السائل منه. فخرج الكبد والطحال وكان أهل الجاهلية يملؤون الأمعاء من الدم بصبه فيها ويشوونه ويطعمونه الضيف ولحم الخنزير.
قال أهل العلم الغذاء يصير جزءا من جوهر المغتذي فلا بد أن يحصل للمغتذي أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلا في الغذاء، والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة في المشتهيات فحرم أكله على الإنسان لئلا يتكيف بتلك الكيفية، ولذلك إن الفرنج لما واظبوا على أكل لحم الخنزير أورثهم الحرص العظيم والرغبة الشديدة في المشتهيات وأورثهم عدم الغيرة.
فإن الخنزير يرى الذكر من الخنازير ينزو على الأنثى التي هي له ولا يتعرض له لعدم الغيرة. وأما الشاة فإنها حيوان في غاية السلامة فكأنها ذات عارية عن جميع الأخلاق فلذلك لا يحصل للإنسان بسبب أكل لحمها كيفية أجنبية عن أحوال الإنسان. وما أهل لغير الله به أي وما رفع
Halaman 249