Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Penerbit
إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية
Nombor Edisi
الثالثة - ١٤٠٤ هـ
Tahun Penerbitan
١٩٨٤ م
Lokasi Penerbit
بنارس الهند
Genre-genre
رواه البخاري.
١٤- (١٣) وعن أبي هريرة قال: أتى أعرابي النبي ﷺ فقال: دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال: «تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة
ــ
المعنى أن الذي يظهر عن نفسه شعار أهل الإسلام والتدين بدينهم، فهو في أمان الله لا يستباح منه ما حرم من المسلم، فلا تنقضوا عهد الله فيه – انتهى، وإنما اكتفى في النهي بذمة الله وحده ولم يذكر الرسول كما ذكر أولًا لأنه ذكر الأصل لحصول المقصود به ولاستلزامه عدم إخفاره ذمة الرسول، وأما ذكره أولًا فللتأكيد وتحقيق عصمته مطلقًا، وفي الحديث دليل كالذي قبله على أن أمور الناس محمولة على الظاهر دون باطنها، فمن أظهر شعار الدين أجريت عليه أحكام أهله ما لم يظهر منه خلاف ذلك، وفيه أنه لابد للمؤمن من الأعمال خلافًا للمرجئة. (رواه البخاري) وأخرجه أيضًا النسائي في الإيمان.
١٤- قوله: (أتى أعرابي) أي بدوي منسوب إلى الأعراب، وهم سكان البادية، قال بعضهم: الأعرابي السائل في حديث أبي هريرة هذا هو ابن المنتفق على ما رواه البغوي وابن السكن والطبراني في الكبير وأبومسلم الكجي في السنن، وزعم الصيرفي أن اسم ابن المنتفق هذا لقيط بن صبرة، وافد بني المنتفق، قلت: في قول هذا البعض عندي نظر، فإن قصة سؤال ابن المنتفق شبيهة بسياق حديث أبي أيوب عند مسلم دون سياق حديث أبي هريرة كما لا يخفى على من له اطلاع على الروايات، وقال العيني: هو سعد بن الأخرم، وفيه أيضًا نظر. (دلني) بضم الدال وفتح اللام المشددة (على عمل) صفة أنه (إذا عملته دخلت الجنة) دخولًا أوليًا (قال: تعبد الله) مرفوع المحل بالخبرية لمبتدأ محذوف، أي هو يعني العمل الذي إذا عملته دخلت الجنة هو عبادة الله، قال النووي: العبادة هي الطاعة مع خضوع، فيحتمل أن يكون المراد بالعبادة هنا معرفة الله تعالى، والإقرار بوحدانيته، وهو شامل للنبوة لأنه لا يعتبر بدونها، فذكره مغنٍ عن ذكرها، قال: فعلى هذا يكون عطف الصلاة والزكاة والصوم عليها لإدخالها في الإسلام، فإنها لم تكن دخلت في العبادة، وعلى هذا إنما اقتصر على هذه الثلاث لكونها من أركان الإسلام وأظهر شعائره، والباقي ملحق بها، ويحتمل أن يكون المراد بالعبارة الطاعة مطلقًا، فيدخل جميع وظائف الإسلام فيها فعلى هذا يكون عطف الصلاة وغيرها من باب ذكر الخاص بعد العام، تنبيهًا على شرفه ومرتبته، وأما قوله: (لا تشرك به شيئًا) فإنما ذكره بعد العبادة لأن الكفار يعبدونه سبحانه في الصورة ويعبدون معه أوثانًا يزعمون أنها شركاء، فنفى هذا (الصلاة المكتوبة) أي المفروضة (الزكاة المفروضة) فرق بن القيدين للتفنن، أي كراهية لتكرير اللفظ الواحد، وقيل: عبر في الزكاة بالمفروضة للاحتراز عن صدقة التطوع، فإنها زكاة لغوية، وقيل: احترز من الزكاة المعجلة قبل الحول،
1 / 61