فليسم نوع واحد من الكيفية ملكة وحالا. وتخالف الملكة الحال فى أنها أبقى وأطول زمانا: ومما يجرى هذا المجرى العلوم والفضائل، فإن العلم مظنون به أنه من الأشياء الباقية التى تعسر حركتها، وإن كان الإنسان إنما شدا من العلم، ما لم يحدث عليه تغير فادح من مرض أو غيره مما أشبهه. وكذلك أيضا الفضيلة (مثل العدل والعفة وكل واحد مما أشبه ذلك) قد يظن أنها ليست بسهلة الحركة ولا سهلة التغير. — وأما الحالات فتسمى بها الأشياء السهلة الحركة السريعة التغيير، مثل الحرارة والبرودة والمرض والصحة وسائر ما أشبه ذلك. فإن الإنسان قد قبل بهذه حالا على ضرب من الضروب، إلا أنه قد يتغير بسرعة، فيصير باردا بعد أن كان حارا وينقل من الصحة إلى المرض، وكذلك الأمر فى سائرها، إلا أن يكون الإنسان قد صارت هذه الأشياء أيضا له — لطول المدة — حالا طبيعية لا شفاء لها أو عسرت حركتها جدا. فلعله أن يكون الإنسان [أن] يسمى هذه حينئذ ملكة.
ومن البين أنه إنما يقتضى اسم الملكة الأشياء التى هى أطول زمانا وأعسر حركة، فإنهم لا يقولون فيمن كان غير متمسك بالعلوم تمسكا يعتد به، لكنه سريع التنقل، أن له ملكة. على أن لمن كان بهذه الصفة حالا ما فى العلم: إما أخس وإما أفضل، فيكون الفرق بين الملكة وبين الحال أن هذه سهلة الحركة، وتلك أطول زمانا وأعسر تحركا. — والملكات هى أيضا حالات، وليس الحالات ضرورة الملكات، وكان من كانت له ملكة فهو بها بحال ما أيضا من الأحوال. وأما من كان بحال من الأحوال فليست له لا محالة ملكة.
Halaman 30