(وأما الذاتى): فهو احتراز من الأعراض الغريبة فان العلوم لا ينظر فيها للأعراض الغريبة فلا ينظر المهندس فى أن الخط المستقيم أحسن أو المستدير ولا فى أن الدائرة هل تضاد المستقيم لأن الحسن والمضادة غريب عن موضوع علمه وهو المقدار فانه يلحق المقدار لا لأنه مقدار بل بوصف أعم منه ككونه موجودا أو غيره والطبيب لا ينظر فى أن الجراحة مستديرة أم لا لأن الاستدارة لا تلحق الجرح لأنه جرح بل لأمر أعم منه وإذا قال الطبيب هذا الجرح بطىء البرء لأنه مستدير والدوائر أوسع الأشكال لم يكن ما ذكره علما طبيا ولم يدل ذلك على علمه بالطب بل بالهندسة فاذا لا بد وأن يكون محمول المسئلة فى العلوم ذاتيا وفى المقدمات ذاتيا ولكن بينهما فرق ما وهو ان الذاتى يطلق ههنا لمعنيين.
(أحدهما): أن يكون داخلا فى حد الموضوع كالحيوان للانسان فانه ذاتى فيه لأنه يدخل فيه إذ معنى الانسان أنه حيوان مخصوص* (والثانى): أن يكون الموضوع داخلا فى حده لا هو داخلا فى حد الموضوع كالفطوسة للانف والاستقامة للخط فان الأفطس عبارة عن ذى أنف بصفة مخصوصة بالأنف فدخل فى حده لا محالة والذاتى بالمعنى الأول محال أن يكون محمولا فى المسائل المطلوبة فى العلوم لأن الموضوع لا يعلم إلا به. فيتقدم العلم به على العلم بالموضوع فكيف يكون حصوله للموضوع مطلوبا فان من لا يفهم المثلث بحده على سبيل التصور لا يطلب أحكامه فيجوز أن يطلب أن زواياه مساوية لقائمتين أم لا وإما أن يطلب أنه شكل أم لا فهو محال لأن الشكل يفهم أولا ثم يفهم انقسامه إلى ما يحيط به ثلاثة أضلاع وهو المثلث أو أربع وهو المربع فالعلم به يتقدم عليه (وأما المقدمات): فينبغى أن يكون محمولاتها ذاتية ويجوز أن يكون محمولا المقدمتين ذاتيا بالمعنى الآخر ولا يجوز ان يكون كلاهما ذاتيا بالمعنى الأول لأن النتيجة تكون معلومة قبل المقدمة لأن ذات الذاتى بذلك المعنى ذاتى ولا يجوز أن يقال كل إنسان حيوان وكل حيوان جسم فكل إنسان جسم على أن هذا مطلوب لأن العلم بالجسمية يتقدم على العلم بالانسان فاذا كان موضوع المسئلة هو الانسان فلا بد وأن يكون أولا متصورا حتى يطلب حكمه إذ متصور الانسان متصور الحيوان والجسم من قبل لا محالة إذ يفهم الجسم وإنه ينقسم إلى الحيوان وغيره ثم الحيوان ينقسم إلى الناطق وغيره ولكن يجوز أن يكون محمول المقدمة الصغرى ذاتيا بالمعنى الأول ومحمول الكبرى ذاتيا بالمعنى الثانى وكذا بالعكس هذا ما أردنا تفهيمه وحكايته.
(فهرست القسم الأول إجمالا من) مقاصد الفلاسفة (لحجة الاسلام الغزالى) صحيفة م 2 خطبة الكتاب وفيها بيان أقسام الرياضيات والمنطقيات والطبيعيات والالهيات 4 القول فى المنطق وبيان فائدته وأقسامه وتعريف التصور والتصديق وبيان أن المنطق على خمسة فنون 8 الفن الأول فى دلالة الألفاظ ويتضح المقصود منها بتقسيمات خمسة 11 الفن الثاني فى المعانى الكلية واختلاف نسبها وأقسامها 17 الفن الثالث فى تركيب المفردات وأقسام القضايا وشرحها بذكر تقسيمات 25 الفن الرابع في تركيب القضايا وفيه بيان الأشكال والضروب 31 بيان جدول ضروب الشكل الأول منتجها وعقيمها 36 القول فى القياسات الاستثنائية وفيه بيان شرطى المتصل والمنفصل 45 القول فى مادة القياس 52 القول فى مجارى المقدمات 54 خاتمة القول فى القياس 57 الفن الخامس من الكتاب في لواحق القياس والبرهان وفيه أربعة فصول 00 الفصل الأول المطالب العلمية وأقسامها 59 الفصل الثانى فى تقسيم القياس البرهانى 60 الفصل الثالث فى الأمور التى عليها مدار العلوم البرهانية 62 الفصل الرابع فى بيان شروط مقدمات البرهان
~~(الالهيات) بسم الله الرحمن الرحيم القسم الثانى (الفن الثانى الالهيات)
اعلم أن عادتهم جارية بتقديم الطبيعى ولكن آثرنا تقديم هذا لأنه أهم والخلاف فية أكثر ولأنه غاية العلوم ومقصدها وإنما يؤخر لغموضه وعسر الوقوف عليه قبل الوقوف على الطبيعى ولكنا نورد فى خلل الكلام من الطبيعى ما يتوقف عليه فهم المقصود ونستوفى حكاية مقاصد هذا العلم فى مقدمتين وخمس مقالات.
(المقالة الأولى: فى أقسام الوجود وأحكامه).
(المقالة الثانية: فى سبب الوجود كله وهو الله تعالى).
(المقالة الثالثة: فى صفاته).
(المقالة الرابعة: فى أفعاله ونسبة الموجودات إليه).
(المقالة الخامسة: فى كيفية وجودها منه على مذهبهم).
Halaman tidak diketahui