ابن السبكي (١): علم وإصلاح
عرف تاريخ الثقافة العربية كثيرًا من البيوتات العلمية التي استفاض العلم فيها، وكان إرثًا طيبًا يؤول إلى الأبناء فيما يؤول إليهم من عقار وحطام، فكان علم الأبناء امتدادًا ناضجًا لعلم الآباء. وقد صان هؤلاء الأبناء ذلك الموروث العلمي العظيم، وعملوا على إثرائه وإخصابه.
وبحسبنا في هذا المقام أن نذكر أبا حاتم الرازي محمد بن إدريس بن المنذر، المتوفى سنة ٢٧٧ هـ، وابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، المتوفى سنة ٣٢٧ هـ، من أئمة علم الجرح والتعديل. والإمام ضياء الدين خطيب الري عمر بن الحسين بن الحسن، وابنه الفخر الرازي محمد بن عمر، المتوفى سنة ٦٠٦ هـ من فرسان علم الكلام.
على أنه لم يستعلن تأثير والد في ولده كما استعلن في تاريخ الإمام العلامة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، المولود في سنة ٦٨٣ هـ والمتوفى في سنة ٧٥٦ هـ، وولده العلامة تاج الدين أبي نصر عبد الوهاب بن علي، المولود في سنة ٧٢٧ هـ، والمتوفى في سنة ٧٧١ هـ.
وقد أجمع المؤرخون على فضل الوالد وسعة علمه، فيقول عنه الذهبي - فيما ينقل عنه السبكي:
_________
(١) مجلة «الرسالة»، إبريل/ نيسان ١٩٦٥ م.
1 / 47