ولم يكن في تقديري البقاءُ بتلك الديار المباركة أكثر من عامين أو ثلاثة، لأعود إلى عملي بمعهد إحياء المخطوطات بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم - ومعهد المخطوطات هي بيتي وشبابي وأحلامي - ولكن شاء ربك أن تمتد الإقامة أحد عشر عامًا، فكنت كما قال أحمد بن الحسين بن حيدرة، الشاعر المعروف بابن خراسان (٤٩٧ هـ):
نزلنا على أن المُقام ثلاثةٌ ... فطابتْ لنا حتى أقمْنا بها عَشْرا
* * *
وكان مما قدر الله وقضى أن أترك مركز البحث العلمي؛ للتدريس بقسم الدراسات العليا العربية، والإشراف على بعض الرسائل الجامعية العليا. وكانت أيامًا زاكية مباركة، قرأت فيها مع إخواني الشباب (١) هناك شيئًا من علوم العربية، وقد أعطيتهم وأعطوني، أعطيتهم خبرة الأيام، وثمار مجالسة أهل العلم ومشافهتهم والرواية عنهم، وأعطوني حماسة الشباب وتوقده، بل إنهم فتحوا لي أبوابًا من
_________
(١) = ... طائفة من الشباب السعوديين النابهين، مؤسسين تأسيسًا علميًا صحيحًا.
ومن أمانة التاريخ، ومعرفة أقدار الناس أذكر هنا أصحاب الفضل في إرساء هذه المبادئ العلمية الرفيعة: الشريف راشد الراجح، ومحمد بن سعد الرشيد، وناصر بن سعد الرشيد، وعليان بن محمد الحازمي، وعبد الله بن سليمان الجربوع، وحسين حامد حسان، وحسن محمد باجودة. فهؤلاء هم الذين سعوا إلى العلماء في بيوتهم، وأحلوهم دار الكرامة، ولم يتغيروا عليهم بطول المكث والإقامة.
() أذكر منهم: عياد بن عيد الثبيتي، وسليمان بن إبراهيم العايد، ومحمد بن حمود الدعجاني، وعثمان بن حسين الصيني، وحماد بن محمد الثمالي، وصالح الغامدي، إلى شباب آخرين، لم أشرف عليهم، ولكني سعدت بمذاكرتهم ومجالستهم، ومناقشة بعضهم في رسائلهم الجامعية، منهم: عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، وسعد بن حمدان الغامدي، وحمد الزايدي، وعبد الله القرني، ومحمد العمري، ومحسن العميري، والشريف عبد الله الحسيني البركاتي - شفاه الله -، ومحمد بن مريسي الحارثي، وعبد الله العبادي، سقى الله أيامهم جميعًا بالخير.
1 / 20