يشاك شوكة فما فوقها وفي رواية أحمد
إلا كانت كفارة لذنبه، ووقع في رواية ابن حبان المذكورة إلا رفعه الله درجة، وحط عنه بها خطيئة، ومثله لمسلم في بعض طرقه، وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا، حصول الثواب ورفع العقاب، وشاهده ما أخرجه الطبراني في الأوسط، من وجه آخر، عن عائشة ﵂ بلفظ: ما ضرب على مؤمن عِرق قط إلا حط الله تعالى عنه خطيئة وكتب له حسنة، ورفع له درجة وسنده جيد. وأما ما أخرجه مسلم من طريق عمرة عنها إلا كتب الله تعالى له بها حسنة أو حطَّ عنه بها، فكذا وقع فيه بلفظ، فيحتمل أن يكون شكًا من الراوي، ويحتمل التنويع وهو أوجه، ويكون بمعنى إلا كتب الله بها حسنة، أو لم يكن عليه خطايا، أو حط عنه خطيئة، أو كانت له خطايا، ووقع لهذا الحديث سبب أخرجه أحمد وصححه ابن عوانة، والحاكم من طريق عبد الرحمن ابن شيبة العبدري: أن عائشة ﵂ أخبرته أن رسول الله ﷺ طرقه وجع، فجعل يتقلب على فراشه ويشتكي، فقالت له ﵂: لو صنع هذا بعضنُا لوجدت عليه، فقال: إنَّ الصالحين شدد عليهم، وإنه لا يصيب المؤمن. . . الحديث، ثم قال في هذا الحديث تعقب على الشيخ عز الدين بن عبد السلام حيث قال: ظن بعض الجهلة أنَّ المصاب مأجور وهو خطأ صريح، ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد دخول المصيبة، ثم رأيت الأسنوي قد قال إن الشافعي ﵁ قد نصّ في الأم على ما يرد مقاله ابن عبد السلام السابقة، فإنه قال في باب طلاق السكران: فإن قال قائل: فهذا مغلوب على عقله، والمريض والمجنون مغلوب على عقله، قيل المريض مأجور مكفر عنه بالمرض، مرفوع عنه القلم إذا ذهب عقله. وهذا إثم مضروب على السكر غير مرفوع عنه القلم، فكيف يقاس من عليه العقاب بمن له الثواب. أ. هـ. قال الأسنوي: وهذا حكم بأجر المريض مع زوال عقله، ومن المعلوم انتفاء الصبر
والرضى في تلك الحالة.
وقد يقال الذي أنكره الشيخ عز الدين، وشنع في الرد على قائله إنما هو تسمية ما وعد به الشارع على ذلك أجرًا، يعني ما يقال به العمل، فإنَّ تعليله يرشد لذلك، وإلا فبعيد أن ينكر ما قدمناه، ويلزم عليه أن حال المذنب الخطأ أكثر فائدة وانتفاعًا بحصول المصائب به ممن ليس عليه ذنب إذا اشتركا في الصبر وعدمه، وأنّ حال الأول أكمل، وهو بعيد من الحكمة الإلهية. وقد رأيت بعد سنين من جمع هذا الكتاب في التمهيد لابن عبد البر. . .
1 / 190