Pemandangan dari Batu Benteng
المنظر من صخرة القلعة
Genre-genre
بينما كنا نقود السيارة غربا، متجهين صوب التلال الطويلة لمقاطعة بروس والطريق السريع رقم 21، بعد الغروب وقبل حلول الظلام، تحدثت عن الشكل الذي ربما تبدو عليه أي رحلة طويلة بالسيارة - تمتد لأكثر من عشرة أميال - بالنسبة إلى أسرتنا، وإلى أي مدى كانت مرهقة ومربكة. أخذت أصف لزوجي - الذي كانت أسرته ذات النظرة الأكثر واقعية من أسرتي يعتبرون أنفسهم من الفقراء الذين لا يمكنهم امتلاك سيارة - كيف جعل ضجيج السيارة وحركاتها والاهتزاز والقعقعة وتقطع صوت المحرك وصوت التروس صعود التلال وقطع الأميال الطويلة جهدا بدا أن الجميع يتقاسمونه. هل كان سيفرغ أحد الإطارات، وهل سيغلي الماء في الرادياتور، وهل ستتعرض السيارة لعطل وتتوقف عن السير؟ بدا الأمر مع استخدام كلمة «عطل» كما لو أن السيارة كانت ضعيفة وغير متزنة، مع إشارة إلى ضعف بشري غامض.
قلت له إن الأمر لم يكن بالطبع ليبدو كذلك لو كان لديك سيارة أحدث، أو لو كان بإمكانك تحمل نفقات إصلاح سيارتك والحفاظ عليها في حالة جيدة.
وتذكرت لما كنا متجهين إلى ماسكوكا عبر الطرق الخلفية. لم أكن مخطئة على الإطلاق، لا بد أن أبي كان قلقا من قيادة السيارة عبر أي بلدة كبيرة أو على طريق رئيسي؛ كانت بها مشكلات كثيرة جدا حتى إنها لم يكن ينبغي أن تسير على الطريق مطلقا. وكانت ثمة أوقات لم يكن يستطيع فيها تحمل نفقات إصلاحها، ولا بد أن هذا كان واحدا من تلك الأوقات. كان يفعل كل ما في وسعه لإصلاحها وجعلها تستمر في الحركة، وكان أحد الجيران يساعده أحيانا في ذلك. أذكر أبي وهو يقول: «هذا الرجل عبقرية ميكانيكية»، ما جعلني أرتاب في أنه نفسه لم يكن عبقريا في الميكانيكا.
عرفت الآن لماذا كان مثل هذا الشعور بالخطر والذعر مختلطا بذكرياتي عن الطرق غير الممهدة، وأحيانا غير المحصبة - والبعض منها كان محززا لدرجة أن أبي كان يطلق عليها الطرق المتعرجة - والجسور الخشبية ذات الحارة الواحدة. وبينما توالت الذكريات على ذهني، استطعت أن أذكر والدي وهو يخبرني أنه ليس معه من المال إلا ما يكفي للوصول إلى الفندق الذي كانت تقيم فيه أمي، وأنه لا يدري ماذا سيفعل إن لم يكن معها نقود. بالطبع لم يخبرني بذلك في حينها، فقد اشترى لي الآيس الكريم، وأخبرني أن أضغط على لوحة القيادة حين كنا نصعد التلال، وهو ما فعلته على الرغم من أنه كان آنذاك شيئا تقليديا ، مزحة، اعتقادا عفاه الزمن. كان يبدو لي وكأنه يسري عن نفسه.
لقد أخبرني عن ظروف الرحلة بعدها بسنوات، بعد وفاة أمي، حين كان يتذكر بعض الأوقات التي مرا بها معا. •••
لم يكن الفراء الذي تبيعه أمي للسائحين الأمريكيين (كنا دائما ما نتحدث عن السائحين الأمريكيين وكأننا نعترف بأنهم الوحيدون من السائحين الذين كان من الممكن أن يكونوا ذوي نفع لنا) فراء خاما، بل كان مدبوغا ومحاكا؛ فكانت بعض الجلود تقطع، وتحاك معا في شكل قطع طولية لصنع قبعات؛ وأخرى كانت تترك كاملة ويفصل منها ما كنا نطلق عليه أوشحة. كان وشاح فراء الثعلب يفصل من قطعة كاملة من الجلد، فيما كان وشاح فراء المنك مؤلفا من قطعتين من الجلد أو ثلاث. كان رأس الحيوان يترك ويوضع له عينان زجاجيتان زاهيتان بنيتان مائلتان إلى اللون الذهبي، وكذا فك صناعي، وكانت العروات المعدنية تحاك على كفي الحيوان. أظن أنه في حالة المنك كان الفراء يربط من الذيل إلى الفم، بينما كان وشاح فراء الثعلب يربط من الكف إلى الكف، وكانت قبعات فراء الثعلب أحيانا ما تحاك بها رأس الثعلب في غير موضعها تماما، في منتصف الظهر، كنوع من الزينة.
وبعد ثلاثين عاما وجدت هذه الأنواع من الفراء طريقها إلى محال الملابس المستعملة، وربما كانت تشترى وترتدى على سبيل المزاح والدعابة. فمن بين كل موضات الماضي الغريبة والباطلة، كان هذا الارتداء لجلود الحيوانات - التي لم تكن جلودا لحيوانات واضحة المعالم - يبدو الموضة الأغرب والأكثر همجية.
كانت أمي تبيع أوشحة فراء الثعلب في مقابل خمسة وعشرين أو خمسة وثلاثين، أو أربعين أو خمسين دولارا حسب عدد الشعيرات البيضاء، أو «الفضية»، في الفراء. كان سعر القبعات يتراوح بين خمسين دولارا وخمسة وسبعين دولارا، وربما يصل إلى مائة دولار. بدأ أبي في تربية حيوانات المنك وكذلك الثعالب في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين، ولكن أمي لم يكن لديها الكثير من أوشحة فراء المنك لبيعها، ولا أذكر السعر الذي حددته لها. لعلنا كنا قادرين على التخلص منها بتوريدها لتجار الفراء في مونتريال دون تحمل أي خسارة. •••
احتلت مستعمرة حظائر الثعالب جزءا كبيرا من الأرض في مزرعتنا؛ إذ امتدت من خلف الإسطبل حتى الضفة العالية المطلة على السهول الرسوبية المجاورة للنهر. كانت للحظائر الأولى التي أقامها أبي أسقف وجدران من السلك الدقيق على هيكل من الأعمدة من خشب الأرز، وكانت لها أرضيات ترابية. أما الحظائر التي بنيت فيما بعد، فكانت لها أرضيات سلكية عالية. كانت جميع الحظائر متراصة بعضها بجوار بعض في «شوارع» متقاطعة، بحيث تشكل بلدة منفصلة، وكان يحيط بتلك البلدة سياج واق عال. وبداخل كل حظيرة كان هناك مأوى، وهو عبارة عن صندوق خشبي كبير به فتحات تهوية وسقف منحدر أو غطاء يمكن رفعه. وكان هناك ممر خشبي منحدر عبر أحد جوانب الحظيرة لتريض الثعالب. ولما كانت أجزاء المبنى قد أقيمت في أوقات مختلفة ولم يكن جميعها مخططا له من البداية، فقد وجدت كل الاختلافات التي توجد في أي بلدة حقيقية؛ فقد كانت هناك شوارع عريضة وأخرى ضيقة، وكانت هناك بعض الحظائر الفسيحة قديمة الطراز ذات الأرضيات الترابية وبعض الحظائر الحديثة الأصغر ذات الأرضيات السلكية التي كانت تبدو أقل تناسبا، على الرغم من أنها كانت صحية أكثر. وكان هناك اثنتان من البنايات الطويلة المقسمة إلى أقسام تسمى «السقائف». كان للسقائف الجديدة ممشى مغطى بين صفين متقابلين من الحظائر، له أسقف خشبية مائلة وأرضيات سلكية عالية. كانت السقائف القديمة مجرد صف قصير من الحظائر المتصلة الملتصقة معا على نحو بدائي نوعا ما. أما السقائف الجديدة، فكانت مكانا يعج بالضجيج البشع ويكتظ بالثعالب التي حان قتل معظمها لأخذ جلوده قبل أن يكمل سنة من عمره. كانت السقائف القديمة عبارة عن حي فقير كان يضم سلالات سيئة لم تكن ليبقى عليها لعام آخر. والثعلب الكسيح الذي يولد بين حين وآخر، بل - ولفترة ما - أنثى ثعلب أحمر تميل إلى البشر كانت أقرب لأن تربى كحيوان أليف. كان جميع الثعالب الأخرى تعرض عنها إما لهذا السبب، وإما بسبب لونها، وكان اسمها - إذ كان لجميع الثعالب أسماء - السيدة العجوز. لا أعرف كيف جاءت إلى هنا؟ هل كانت طفرة بيولوجية شاذة ضمن إحدى المجموعات؟ أكانت ثعلبا بريا شق الطريق الخطأ أسفل السياج الواقي؟
حين كان التبن يحصد في حقلنا، كان بعضه يوزع فوق الحظائر لحماية الثعالب من حرارة الشمس ولحماية فرائها من التحول إلى اللون البني، كان شكلها يبدو حقيرا خلال فترة الصيف على أي حال؛ إذ كان الفراء القديم يسقط ويحل محله الفراء الجديد. وبحلول شهر نوفمبر كانت تبدو متألقة؛ بأطراف أذنابها ذات اللون الأبيض الثلجي وفرائها الخلفي الغزير الأسود، والطبقة العلوية ذات اللون الفضي. حينها تكون جاهزة للقتل؛ ما لم يبق عليها لاستخدامها بغرض الاستيلاد. فكانت جلودها تفرد وتنظف وترسل لدبغها ثم إلى البيع في المزادات.
Halaman tidak diketahui