وقال ابن الصلاح (١): "ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله ﷾ أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة".
وأما دلالة العقل: فقد قررها وأحسن فيها الخطيب البغدادي فقال (٢):
"على أنه لو لم يرد من الله ﷿ ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون بعدهم أبد الآبدين.
هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتد بقوله من الفقهاء".
وبهذا ثبتت عدالة الصحابة بالأدلة القطعية النقلية والعقلية، مما لا يدع للشك أو التردد مجالا في ثبوت هذه الخصوصية الفاضلة لأحد منهم ﵃.
لذلك شدد العلماء النكير على من يقدح في هؤلاء الكرام، لما أنه شأن المارقين، والحائدين عن سواء الطريق، ورحم اله إمام الحديث أبا زرعة الرازي حيث قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول ﷺ عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ﷺ، وإنما
(١) علوم الحديث: ٢٦٥.
(٢) الكفاية: نفس الصفحة.