376

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genre-genre

[46] وقد يعرض الغلط في الشفيف أيضا على وجه من الوجوه من أجل خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك أن الناظر إذا قرب إلى إحدى عينيه جسما كثيفا دقيق الحجم كالخلالة أو الابرة أو ما جرى مجرى ذلك وستر العين الأخرى، وكان قبالته جسم مسرف اللون كالحائط الأبيض أو غيره من الأجسام البيض، وكان بعد ذلك الحائط من البصر بعدا مقتدرا وليس بالتفاوت، فإن البصر يدرك مقدار ذلك الجسم الدقيق الحجم أعظم من مقداره الحقيقي، ويستر ذلك المقدار الذي يدركه البصر من الجسم المسفر اللون المقابل للبصر جزءا عرضه العرض الذي يظهر لذلك الجسم الكثيف الدقيق الحجم. ومع ذلك فإن البصر يدرك الجزء المستتر من الجسم المسفر اللون المقابل له كما يدرك الأجسام من وراء الجسم المشف، ويدرك ذلك الجسم الدقيق الحجم إذا كان شديد القرب من البصر كأنه مشف لأنه يدرك ما وراءه كما يدرك ما وراء الجسم المشف. وإذا أدرك البصر المبصر وأدرك ما وراءه وأحس بأن الذي يدركه من ورائه هو غيره فهو يدرك ذلك الجسم مشفا. وإذا كان ذلك الجسم كثيفا وأدركه البصر مشفا فهو غالط فيما يدركه من شفيفه، والغلط في الشفيف هو غلط في القياس لأن الشفيف ليس يدرك إلا بالقياس. وعلة هذا الغلط هو خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال بالإفراط في القرب، لأن المبصر الدقيق الحجم إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدركه كثيفا ولا يدرك ما وراءه إذا كانت المعاني التي في ذلك المبصر في عرض الاعتدال.

[47] فأما لم إذا قرب الجسم الكثيف الدقيق الحجم من البصر قربا شديدا أدركه البصر مشفا فإن ذلك لعلة تتبين من بعد هذا القول، ونحن نبين هذا المعنى بيانا واضحا في الموضع اللائق به. فأما عظم عرضه الذي يظهر للبصر عند قربه من البصر فإن ذلك للعلة التي ذكرناها عند كلامنا في العظم، أعني العلة في أن المبصر إذا قرب من البصر قربا شديدا أدركه البصر أعظم مما هو.

.يد.

[48] وقد يعرض الغلط في الكثافة أيضا من أجل تفاوت البعد. وذلك أن الجسم المشف الذي شفيفه يسير إذا كان ذا لون قوي، وكان وراءه جسم متلون أو موضع مظلم، فإن البصر إذا أدركه من بعد متفاوت فإنه يدركه كثيفا ولا يدرك شفيفه، إذا لم يتقدم علم الناظر بشفيف ذلك المبصر. وذلك أن البصر إذا أدرك المبصر المشف من البعد المتفاوت، وكان المشف ذا لون قوي فإن البصر يدرك لونه. فإن كان وراءه جسم متلون أو مكان مظلم،وكان ذلك اللون أو تلك الظلمة تظهر من وراء الجسم المشف، فإنه يظهر ممتزجا بلون الجسم المشف، ولا يتميز للبصر من البعد المتفاوت لون الجسم المشف من اللون الذي يظهر من ورائه. فذا كان الجسم المشف ذا لون قوي، وكان وراءه جسم متلون أو مكان مظلم، وكان البصر يدرك ذلك المبصر من بعد متفاوت، فليس يتميز للبصر شفيفه، وإذا لم يتميز للبصر شفيفه أدركه كثيفا.

Halaman 439