208

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genre-genre

[121] فأما التجسم، وهو امتداد الجسم في الأبعاد الثلثة، فإن البصر يدركه من بعض الأجسام وليس يدركه من بعض الأجسام. إلا أن الإنسان المميز قد تقرر عنده بالعلم والاعتبار أنه ليس يدرك بحاسة البصر إلا الأجسام، فهو إذا رأى المبصر علم أنه جسم وحكم ببديهة الإبصار أن المبصر جسم وإن لم يدرك امتداده في الأبعاد الثلثة. فأما امتداد الجسم في الأبعاد الثلثة فإن البصر يدرك من جميع الأجسام امتدادها في الطول والعرض من إدراكه لسطوح الأجسام المقابلة له. فإذا أدرك سطح الجسم فقد أدرك امتداد السطح في الطول والعرض، أعني طول السطح وعرضه. وإذا أدرك امتداد السطح في الطول والعرض مع استقرار العلم بأن المبصر جسم فقد أدرك امتداد ذلك الجسم في الطول والعرض، أعني بعدين من أبعاده، ولم يبق إلا البعد الثالث. والأجسام منها ما يحيط به سطوح مسطحة متقاطعة منعطف بعضها إلى بعض، ومنها ما يحيط به سطوح محدبة أو مقعرة، ومنها ما يحيط به سطوح مختلفة الهيئات متقاطعة منعطف بعضها إلى بعض، منها ما يحيط به سطح واحد مستدير. فالجسم الذي يحيط به سطوح متقاطعة وأحد سطوحه مسطح، إذا أدركه البصر، وكان سطحه المسطح مقابلا للبصر ومواجها له وكانت سطوحه الباقية المقاطعة للسطح المواجه قائمة على السطح المواجه أو مائلة عليه إلى جهة التضايق من وراء السطح المواجه ولم يظهر للبصر من هذا الجسم لا السطح المواجه فقط، فليس يحس البصر من هذا الجسم وأمثاله إلا امتدادها في الطول والعرض فقط، فليس يحس البصر بتجسم الأجسام التي بهذه الصفة. والجسم الذي يحيط به سطوح متقاطعة، إذا أدركه البصر، وكان سطحه المقابل للبصر مائلا عن مواجهة البصر على أي هيئة كان ذلك السطح، وكان موضع التقاطع من هذا السطح وسطح آخر من سطوح ذلك الجسم يلي البصر، وكان البصر يدرك تقاطع السطحين من الجسم الذي بهذه الصفة، ويدرك السطحين معا، فلتقاطع السطحين يدرك انعطاف سطح الجسم إلى حيث العمق. وإذا أدرك انعطاف سطح الجسم فهو يدرك امتداد الجسم في ذلك العمق. وهو يدرك من السطح المائل امتداد الجسم في الطول والعرض. وإذا أدرك امتداد الجسم في الطول والعرض والعمق فقد أدرك تجسم الجسم. فالأجسام التي بهذه الصفة ووضعها من البصر هذا الوضع فإن البصر يدرك تجسمها.

[122] وكذلك إذا كان أحد سطوح الجسم مواجها للبصر، على أي هيئة كان ذلك السطح، وكانت السطوح المقاطعة لذلك السطح أو أحدها مائلا على السطح المواجه إلى جهة الاتساع من وراء السطح المواجه، فإن البصر يدرك من هذا الجسم السطح المواجه ويدرك السطح المائل أيضا أو السطوح المائلة المقاطعة للسطح المواجه، ويدرك تقاطع هذه السطوح. وإذا أدرك التقاطع، وأدرك السطح المواجه، وأدرك السطح المائل أو السطوح المائلة، فهو يدرك انعطاف سطح الجسم في جهة العمق. وإذا أدرك انعطاف سطح الجسم في جهة العمق مع إدراكه لامتداد الجسم في الطول والعرض من السطح المواجه فقد أدرك تجسم الجسم. فالأجسسام التي بهذه الصفة أيضا فإن البصر يدرك تجسمها. وبالجملة فإن كل جسم يدرك البصر منه سطحين متقاطعين فإنه يدرك تجسمه.

Halaman 268