وكذلك قَوله: "ورِضا نَفسه" وهو يَتضمّن أمرين عظيمين:
أحدهما: أن يكون المراد تَسبيحًا هو [في] (^١) العظَمة والجلال مُساوٍ لرضا نَفسه، كما أنّه في الأول مخبر عن تسبيح مساوٍ لعدد خلقه، ولا ريب أن رِضا نَفس الربّ أمر لا نِهاية له في العظمة والوَصف، والتسبيح ثناءٌ عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه.
فإذا كانت أوصاف كماله ونُعوت جَلاله لا نِهاية لها ولا غاية، بل هي أعظم من ذلك وأجلّ، كان الثناء عليه بها كذلك، إذ هو تابع لها إخبارًا وإنشاءً. وهذا المعنى يَنتظم بالمعنى الأول من غير عَكس.
وإذا كان إحسانه وثَوابه وبَركته وخَيره لا مُنتهى له، وهو من مُوجبات رِضاه وثمرته فكيف بصفة الرّضا؟
وفي الأثر: "إذا باركت لم يكن لبركتي مُنتهى" (^٢)، فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة؟
والرِّضا يَستلزم المحبّة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة والرحمة.
والخلق يستلزم العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة.
وكل ذلك داخل في رِضا نَفسه، وصِفة خلقه.
وقوله: "وزِنة عَرشه" فيه إثبات العرش، وإضافته إلى الرب سبحانه
_________
(^١) في الأصل: "والعظمة"، والتصويب من نسخة المعلمي.
(^٢) هو في الزهد للإمام أحمد (ص ٥٢)، والحلية لأبي نعيم (٤/ ٤١)، وأورده المؤلف وعزاه للزهد للإمام أحمد في: الجواب الكافي (ص ٢٤، ١٣٢).
1 / 18