٤٦ - "بَابُ الاغْتِبَاط في الْعِلْمِ"
٥٨ - عَن ابنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "لَا حَسَد إلَّا في اثْنَتَيْنِ، رَجُل آتَاهُ اللهُ مَالًا فسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ في الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا".
ــ
استنبط ابن عمر من قرينة الجمّار الذي أهدي إلى النبي ﷺ أن الشجرة المسؤول عنها هي النخلة، لأنّ النبي ﷺ إنما طرح هذا السؤال بعد إهدائه الجمّار الذي هو رأس النخلة، فدلّ على أنها هي.
٤٦ - " باب الاغتباط في العلم "
٥٨ - معنى الحديث: يشير النبي ﷺ هنا إلى أن الحسد أنواع مختلفة فمنه حَسَدٌ مذموم محرم شرعًا، وهو أن يتمنى المرء زوال النعمة عن أخيه، وحسد مباح وهو أن يرى نعمة دنيوية عند غيره فيتمنى لنفسه مثلها، وحسد محمود مستحب شرعًا، وهو أن يرى نعْمةً دينية عند غيره فيتمنّاها لنفسه. وهو ما عناه النبي ﷺ بقوله: " لا حسد إلاّ في اثنتين " أي أن الحسد تختلف أنواعه وأحكامه حمسب اختلاف أنواعه ولا يكون محمودًا مستحبًا شرعيًا إلاّ في أمرين: "رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته (١) في الحق " أي الأمر الأول أن يكون هناك رجل غني تقي، أعطاه الله مالًا حلالًا، فأنفقه فيما ينفعه وينفع غيره ويرضي ربه من وجوه الخير، فيتمنى أن يكون مثله، ويغبطه على هذه النعمة. " ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " أي والأمر الثاني: أن يكون هناك رجل عالم، أعطاه الله علمًا نافعًا يعمل به: ويعلمه لغيره، ويحكم به بين الناس فيتمنى مثله.
(١) هلكته بفتح الهاء واللام كما أفاده القسطلاني.