فأصبح فينا أحمد في أرومة
تقتصر عنها سورةالمتطاول
حديث بنفسي دونه وحميته
ودافعت عنه بالذرا والكلاكل (1)
وما هذا القول والله أعلم إلا كقول مؤمن من آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه، مع قول أبي طالب وكفاحه عن رسول الله وشهادته له بالنبوة، وعلمه قديما بما كان من القول فيه والدلائل التي دلت عليه، ولو أظهر أبو طالب الإسلام لم يجد من يواليه وينصره ممن والاه ونصره من قريش، ولكان يكون كواحد ممن أسلم من سائر من نبذه قومه، ولكن الله عز وجل أيد دينه ونبيه به، وجمع له الناصر من قومه بسببه عند ابتداء ظهور الدين وقلة عدد المسلمين، نظرا من الله جل ذكره لدينه ولنبيه صلى الله عليه وآله.
وفشى شعر أبي طالب هذا في العرب، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله، وقيام بني عبد شمس ومن أطاعها عليه وانتصاب بني هاشم ومن تولاها دونه، وعلموا قديما ما بين الفئتين من البغضاء وحسد بني عبد شمس بني هاشم الفضل، على ما قدمنا في هذا الكتاب ذكره وشرحنا فيه خبره، فتوقف من كانوا أغروه من قبائل العرب برسول الله صلى الله عليه وآله، وانحنى بعضهم إليه وكذب أكثرهم مقالهم فيه، وذكر أهل يثرب ما كانت اليهود خبرتهم وحدثتهم به من ظهور نبي فيهم، قد أزف وقت ظهوره وإخبارهم عن شأنه وأموره، فلما بلغهم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله تطلعت أعينهم إليه، وقد رأوا أنه هو صلى الله عليه وآله.
واستنهض مشركوا قريش من كان وعدهم النصرة على رسول الله صلى الله عليه وآله، فتوقفوا عنهم وعظموا أمر الحرم وذكرهم قول أبي طالب تعظيمه، وأرسل بعضهم إليهم يعظونهم وينهونهم عن حرب قومهم، فاسقط ما في أيديهم لما رأوا أنه لم يلحق
Halaman 102