قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟
قال: والله لا تقولون فيه قولا إلا عرف باطله، ولكن أقرب القول فيه أن تقولوا: إنه ساحر وقد فرق بين المرء وزوجه وبين الوالد وولده وبين المرء وعشيرته، فأجمعوا على ذلك.
فلما أقبلت العرب خرجوا يجلسون على طرقها يحذرون منه كل من قدم، ويقولون: حدث عندنا ساحر فإياكم أن يهلككم بسحره.
وأنزل الله عز وجل في ذلك في الوليد بن المغيرة: ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر (1) وأنزل الله على رسوله في الذين اجتمعوا إليه:
فو ربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون (2) فلم يزالوا يقولون ذلك لكل من جاء من ناحية من نواحي بلاد العرب، حتى صدروا عن الحج وأغروهم به واستنصروهم عليه، فوعدهم كثير منهم النصرة وانتشر ذلك من أمرهم في العرب، وخاف أبو طالب دهماءها واجتماعها على رسول الله صلى الله عليه وآله للحمية في دينها، ولما ألقته بنو أمية ومن والاها من قريش من أمر وإليها وتحريضهم عليه واستنفارهم إليه وأشفق من ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله إشقاقا شديدا، فلم ير إلا الحيلة في دفع ذلك عنه وإصلاح جانب العرب له.
Halaman 91