٢- مقدمة الاوطان والبلدان
يزعم الجاحظ في مقدمة الكتاب انه وضعه نزولا عند رغبة شخص سأله ان يكتب له كتابا في تفاضل البلدان وقناعة النفس بالاوطان، وأثر ملازمتها في الفشل والنقص، وأثر مبارحتها في التجارب والعقل.
ولكن الجاحظ يرى ان تأثير البلدان لا يقتصر على الفقر والغنى والمكاسب واغناء العلم بالتجارب، بل يتعداه الى الاخلاق والآداب واللغات والهيئات والصور لأنه يعتقد ان للبيئة دورا هاما في الانسان بمختلف قواه الجسمية والعاطفية والعقلية، وقد أوضح ذلك في اماكن عديدة من كتبه لأنه كان فيلسوفا طبيعيا. [١]
ان حب الاوطان طبيعة فطرها الله في الانسان ليعمر البلدان، فلولاها لما سكن الناس الفيافي والادغال وقلل الجبال والقفار الموحشة والبلدان المجدبة القاحلة، والاصقاع الباردة او الحارة. ولطلبوا جميعا السكن في البلاد المعتدلة المناخ، الخصية التربة.
_________
[١] انظر حول هذا الموضوع كتابنا «المناحي الفلسفية عند الجاحظ» المنحى الطبيعي، ص ٦٦.
1 / 13