المقدمة فى تعريف التفسير وانواعه
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين، وبعد:
فلقد حظى القرآن الكريم وهو الكتاب الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد- حظى بالتفاف أعلام الأمة الاسلامية حوله لفهم نصوصه المطهرة والعمل بما تتضمنه من أحكام عديدة فيها صلاح الحال والمآل لهذه الأمة الكبيرة.
ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ.
(سورة الأنعام الآية ٣٨) ولقد تنوعت المصادر التى استقى منها المفسرون مناهجهم لفهم كتاب الله لمحاولة التعرف على فهم دقائقه وإبرازها فى صورة لائقة لتكون فى متناول الإنسان المسلم الذى يحب كتاب الله تلاوة وفهما والعمل بما يحويه هذا الكتاب من خيرى الدنيا والآخرة، ولقد اعتمد المفسرون على مصادر عديدة تحددت منها مناهجهم وتعددت بتعدد تلك المصادر.
وكان أهم تلك المصادر:
١ - ما أثر عن رسول الله ﷺ فى بيان معنى المجمل من القرآن وإيضاح المعنى القرآنى وتقريبه.
فعن ابن عباس قال: سأل رجل رسول الله ﷺ:
1 / 5
قال: أرأيت قول الله:
كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ.
(سورة الحجر الآية ٩٠) قال: اليهود والنصارى.
قال: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ! ما عضين؟
قال: «آمنوا ببعض وكفروا ببعض».
وقد فسر رسول الله ﷺ الآية الكريمة:
هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ.
(سورة الرحمن الآية ٦٠) بقوله: هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة.
ويروى أن أبا بكر قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ. (سورة المائدة الآية ١٠٥) وإنا سمعنا رسول الله ﷺ يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه. وأبو بكر رضى الله عنه يقول: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية؟
لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا. يُجْزَ بِهِ. (سورة النساء الآية ١٢٣) فكل سوء عملنا يجزينا به؟
فقال رسول الله ﷺ:
1 / 6
غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء؟
- قال: بلى.
- قال: فهو ما تجزون به.
ولقد عرف هذا النوع الذى برز فى تفسير بعض المفسرين بالتفسير بالمأثور، ومن أهم مصادره التى يعتمد عليها (الدر المنثور فى التفسير بالمأثور) للإمام جلال الدين السيوطى- حيث اعتمد على ما أثر عن رسول الله ﷺ، وصحابته الأجلاء فى تقرير المعانى لكثير من آيات القرآن الكريم ومن أبرزهم ابن عباس رضى الله عنهما الذى حظى بصحبة رسول الله ﷺ خادما ومتعلما مع حظوته بدعاء الرسول ﷺ فكان فقيه الأمة وحبرها الذى لا يجارى علما وفقها فى الدين ومعرفة بالتأويل.
ولقد كان القرآن الكريم، ولا يزال محورا للثقافة الإسلامية منذ أن تألفت أمة بقيادة رسول الله ﷺ. جمعها على التوحيد لله ﷾ وخلافته فى الأرض، فرأى المسلمون فى آيات القرآن الكريم حثا على النظر والتأمل فيه وتدبر آياته:
كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ. (سورة ص الآية ٢٩) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ. (سورة محمد الآية ٢٤) ومن ثم نشأ- زيادة على التفسير بالمأثور-: (التفسير بالرأى) القائم على التدبر والفهم لكتاب الله ﷾ والاستعانة فى ذلك بالعلوم الخادمة لهذا الغرض الجليل وهى كثيرة تعددت وتنوعت فمنها علوم العربية نحوها وصرفها وبلاغتها وما روى عن رسول الله ﷺ قولا وعملا وغير ذلك من العلوم الكثيرة.
1 / 7
واختلفت أنظار المفسرين وطرقهم ومناهجهم فى التفسير تبعا لاختلاف مشاربهم، فمنهم من غلبت عليه النزعة الفكرية العقائدية فتوسع توسعا كبيرا فى شرح الآيات
المتصلة بهذه المعانى، ومنهم من غلبت عليه النزعة الفقهية الشرعية فتوسع توسعا كبيرا فى هذه النواحى وهكذا من توسع فى القصص والأخبار ومن توسع فى الأخلاق والتصوف والمواعظ وآيات الله فى الأنفس والآفاق وغير ذلك.
كذلك كان من المفسرين من أطال ومنهم من أوجز واختصر ومنهم من توسط بين هذا وذاك.
ولقد ترك هؤلاء وهؤلاء ثروة علمية ضخمة. أبانت عن جهود أمة .. خدمت كتاب ربها وعنيت به عناية فائقة ... لا يسبقها فى ذلك أمة .. حفظا وضبطا وشرحا واستنباطا لمسائل الشريعة الغراء لتكون الأمة الإسلامية كما أراد الله لها خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر وتؤمن إيمانا حقيقيا بالله ﷾.
ولم تقف الحركة الفكرية عند المسلمين يوما بالنسبة لكتاب الله سبحانه بخاصة فى هذا العصر الحديث الذى امتاز بالتقارب بين الأجناس، وتكاثرت وسائل الاتصال فيه بين الأمم والشعوب وانتعشت فيه وسائل العمران البشرى على وجه العموم، وما زالت هذه المناهج فى تفسير القرآن إلى الآن على ما كانت عليه فى السابق من تفسير بالمأثور، وتفسير بالرأى، وتفسير جامع بين المأثور والرأى، وما زال القرآن هو الكوكب الدرى الذى يضيء الطريق للساكنين، وينشر ضياءه فى الخافقين، أما ما أضافه العلماء فى العصر الحاضر إلى ذلك، فهو ما يتصل بما أشار إليه القرآن الكريم من أفكار علمية، وحقائق كشف عنها التقدم فى عصرنا الحاضر، ويسرف بعض الناس فى ذلك فيحملون القرآن ما لا يحتمل أو يخرجون باللفظ عن معناه الذى يتطلبه السياق.
وعلى كل حال فهى- إن حسنت النية- محاولات فيها اجتهاد يسير فى إطار الآية القرآنية الكريمة:
1 / 8
سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (سورة فصلت الآية رقم ٥٣) وسنعرض فى أحاديثنا التالية لجهود العلماء فى كشف أسراره وتوضيح معانيه، وتوجيه الأبصار إلى النور الذى يحتويه.
ولا يسعنا فى ختام هذه المقدمة إلا التوجه بالشكر لفضيلة الامام الأكبر دكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر حيث كان لى عظيم الشرف أن يكتب فى مناهج المفسرين عن:
١ - الإمام سفيان الثورى وتفسيره
٢ - الإمام القشيرى وتفسيره.
٣ - الإمام ابو الحسن الشاذلى وتفسيره
٤ - الإمام ابو العباس المرسى وتفسيره فله عظيم الشكر وجزيل الامتنان
دكتور: منيع عبد الحليم محمود
مدرس التفسير وعلوم القرآن كلية أصول الدين- جامعة الأزهر
1 / 9
الإمام سفيان الثورى وتفسيره
ولد سنة سبع وتسعين، وخرج من الكوفة إلى البصرة سنة خمس وخمسين ومائة وتوفى بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة.
وكان عالم هذه الأمة وعابدها وزاهدها.
وكان لا يعلم أحدا العلم حتى يتعلم الأدب ولو عشرين سنة.
وامتنع مرة من الجلوس للعلم، فقيل له فى ذلك، فقال:
والله لو علمت أنهم يريدون بالعلم وجه الله لأتيتهم فى بيوتهم وعلمتهم، ولكن إنما يريدون به المباهاة، وقولهم حدثنا سفيان.
وكان إذا جلس للعلم وأعجبه منطقه يقطع الكلام ويقوم ويقول:
أخذنا ونحن لا نشعر: وهذه منزلة فى الأخلاق ومحاسبة النفس تعز على من رامها وتطول.
برز سفيان فى الحديث حتى وصل إلى أعلى مراتبه فكان: أمير المؤمنين فى الحديث- وكما أن للمؤمنين أميرا فى مسائل الدنيا فان للمحدثين أمراء وكان منهم سفيان.
كان أبوه من ثقات المحدثين، وكان من غير شك أول من لقن سفيان العلم، فنشأ سفيان- دون اختيار منه- بين كتب الحديث، وتفتحت عيناه على جو من العلم يتسم بعبير النبوة وتسوده جوامع الكلام، واتجه آليا فى دراسته وجهة أبيه، وفى ذلك يقول هو:
(طلبت العلم فلم تكن لى نية ثم رزقنى الله النية).
أى أنه طلب العلم أولا بحكم العادة البحتة، ثم وفقه الله سبحانه لأنه يقصد به وجه الله.
1 / 11
ولكن مما يجدر ملاحظته أن المحدثين إذ ذاك ما كانوا يأخذون على تدريس الحديث أجرا فلقد كانوا يتمثلون قوله تعالى:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ.
(سورة الأنعام الآية ٩٠) وفى سبيل طلب العلم قدم له أهله كل معونة وهيئوا له ما يمكن- وهو نزر يسير- من المساعدة، وفى ذلك تقول أمه:
(يا بنى، أطلب العلم وأنا أعولك بمغزلى، وإذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى فى نفسك زيادة فى الخير فان لم تر ذلك فلا تتعبن نفسك).
ويكفينا فى هذه الكلمة أن نأخذ منها:
١ - أن الجو الذى كان يعيش فيه سفيان كان جو تقشف.
٢ - أن هذا الجو كان يتسم بالتقوى والصلاح.
ونشأ سفيان بين «أب» من ثقات المحدثين، وأم تريد أن تعوله بمغزلها ليطلب العلم. من أجل زيادة النور فى قلبه.
وبدأ سفيان يتعلم اتباعا لأبيه، واستجابة لرغبة أمه.
وما إن دخل دور الشباب حتى بدأ يفكر جديا فى أمر معيشته، يقول سفيان:
لما همت بطلب الحديث، ورأيت العلم يدرس، قلت: أى رب، إنه لا بد لى من معيشة، فاكفنى هم الرزق، وفرغنى لطلبه، فتشاغلت بالطلب فلم أر إلا خيرا وأعلنها فى صراحة صريحة:
عليك بعمل الأبطال: الكسب من الحلال، والإنفاق على العيال.
ولما سئل عن الحلال ما هو؟ قال:
تجارة برة، أو عطاء من إمام عادل، أو صلة من أخ مؤمن، أو ميراث لم يخالطه شىء.
1 / 12
ويوصى سفيان من عنده قدر من المال أن يصلحه أى يثمره، فيقول:
من كان فى يده من هذه التجارة شىء فليصلحه، فانه زمان من احتاج كان أول ما بذل دينه.
ومن أجل كل ذلك طلب سفيان المال عن طريق التجارة، وسافر متاجرا.
ومع كل ذلك فما كان سفيان صاحب ثراء عريض، وما كان ليتمنى أن يكون صاحب ثراء عريض لقد وهب نفسه للعلم ووهبها للعلم لوجّه الله ﷾، وما كان هدفه من المال إلا حفظ ماء وجهه ومن أجل ذلك لم يكن يستغرق فى التجارة وإنما كان يتاجر بقدر كسب ما يكفيه ثم يكرس باقى وقته للعلم.
كان سفيان الثورى معنيا بالقرآن عناية كبيرة، ولا يتأتى أن يكون الأمر على غير ذلك، فالقرآن فى حياة المسلم هو الأساس الأصيل الذى بدونه لا يكون اسلام، يقول الوليد بن عقبة:
كان سفيان الثورى يديم النظر فى المصحف، فيوم لا ينظر فيه يأخذه فيضعه على صدره.
ويقول عبد الرازق:
كان الثورى جعل على نفسه، لكل ليلة جزءًا من القرآن وجزءا من الحديث فيقرأ جزءا من القرآن ثم يجلس على الفراش فيقرأ جزءا من الحديث ثم ينام.
وكان سفيان يقول: سلونى عن التفسير والمناسك فإنى بهما عليم.
ومن أجل عناية الثورى بالقرآن يقول الأوزاعى:
لو قيل لى اختر رجلا يقوم بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ لاخترت لهما الثورى.
1 / 13
ومع عناية الثورى بالتفسير فانه لم يفسر القرآن على الطريقة المعروفة الآن وهى تتبع القرآن من أوله سورة سورة. وآية آية، حتى ينتهى إلى آخره، دون أن يترك آية بدون تفسير.
كان سفيان- إذن- يفسر آية من هنا وآية من هناك ... إنه كان يفسر الآية التى تحتاج إلى نوع من الشرح والإيضاح الذى يحتاجه بعض الناس لقصورهم فى اللغة، أو لقصورهم فى الثقافة.
وإذا فسر الإنسان القرآن كلمة كلمة، وآية آية ... وسورة سورة، على هذا النسق الحالى، فقد قيد القرآن- فى وهمه وفى وهم من اتبعه- بفكرته بثقافته، بعقليته، بهواه إن كان صاحب هوى ...
وما من شك فى أن أسلوب القرآن يتحكم فى المفسر، ولكن المفسر مهما حاول أن يستجيب إلى أسلوب القرآن فانه يجد مجالا للتأويل حتى يصل إلى ما يرى- بحسب مستواه- أنه حق.
ومع ذلك ومع كل ما قاله المفسرون مع قدماء ومن محدثين، ورغم مئات الشروح التى وضعت للقرآن فان القرآن ما زال غضّا نضرا جديدا، فياضا بالمعانى، سيلا بالإلهامات، ومن أجل هذه النضرة، ومن أجل ترك أبواب الإلهامات يوحيها القرآن كل يوم لقارئه، لم يفسر رسول الله ﷺ القرآن كلمة كلمة، وسورة سورة، وإنما هى كلمة من هنا وآية من هناك، بحسب الظروف والمقتضيات ... وانظر مثلا كتاب التفسير فى صحيح البخارى أو فى صحيح مسلم أو فى غيره من كتب الصحاح فستجد أن تفسير رسول الله ﷺ إنما هو على ما ذكرنا ...
ولم يحاول كبار الصحابة تفسير القرآن على الوضع المألوف عندنا الآن، ذلك لأنهم كانوا يرون أن القرآن فى انطلاقه الموحى وفى نظرته الملهمة باستمرار، وفى تأثيره الروحى والأخلاقى يجب أن لا تحده حدود، وأن لا تقيده قيود ذهنية بشرية.
ومن أجل بقاء استمرار القرآن فياضا بالهداية، لا يحجب نبعه الصافى
1 / 14
حجاب من مراء أو من جدل، التزم سلفنا الصالح الخطة المحكمة: تفسير كلمة من هنا أو آية من هناك، بحسب الظروف والأحوال ...
وسار سفيان الثورى على نسقهم، بل إنه فى الأغلب الأعم من تفسيره التزم أن يعزو كل رأى الى صاحبه، وأحب من الذين تحدثوا فى التفسير طائفة معينة، وآثر من بين هذه الطائفة «مجاهد» ...
ولم يكن للثورى تفسير للقرآن معروف منشور، وكان الذين يتحدثون عن الثورى فيما يتعلق بتفسيره للقرآن انما يأخذون من ذلك متناثرات فى مختلف الكتب.
ولكن توفيق الله ﷾ صاحب الأستاذ «امتياز على عرشى» مدير مكتبة رضا ببلدة رامبور بالهند، فعثر على تفسير القرآن الكريم للثورى، رواه أبو جعفر محمد عن أبى حذيفة النهدى عن الثورى فصححه ورتبه وعلق عليه ...
بيد أن هذا التفسير الذى نشر فى سنة ١٣٨٥ هـ- ١٩٦٥ م لم يستوعب آراء الثورى فى التفسير ففي جلية الأولياء وفى تفسير الطبرى وفى غير ذلك من الكتب كثير من آراء الثورى فى التفسير.
ولعلنا فى المستقبل نجد شبابنا الذين يشرعون فى كتابة رسائل الدكتوراة، أو يحبون البحث العلمى الجاد ينقبون عن آراء الثورى فى التفسير، وينشرون قدر المستطاع كل آراء الثورى فى التفسير سواء صدرت عنه شخصيا أو اختارها من بين آراء الصحابة أو التابعين رضوان الله عليهم.
والثورى له جوانب كثيرة خصبة تحتاج الى دراسة، فهو صاحب مذهب فقهى لا يقل فى عمقه وفى صدقه عن المذاهب المشهورة، وهو مذهب لم يجد من تلاميذ الثورى من يقوم على نشره وهو منشور أيضا فى ثنايا كتب الفقه والتفسير والحديث.
ولعلنا نجد من شبابنا من يقوم بمهمة جمع آراء الثورى فى الفقه، فيكون لنا مذهب اتباعى من أصدق المذاهب وأخلصها.
1 / 15
وكان للثورى مسند فى الحديث يحتوى على آلاف من أحاديث رسول الله ﷺ. والثورى ثقة فى الحديث، ولعلنا نجد أيضا من شبابنا من يتفرغ- ابتغاء مرضاة الله تعالى- لجمع أحاديث الثورى، واعادة مسنده من جديد ...
نموذج من تفسيره:
عن مجاهد فى قوله ﷿:
وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ. (سورة البقرة الآية ١٦٦) قال: تواصلهم فى الدنيا.
وعن أبى جعفر فى قول الله تعالى:
وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ (سورة التوبة الآية ٦٠) قال: الغارمين المستدينين بغير فساد.
وابن السبيل المجتاز من الأرض إلى الأرض.
وعن ابن عباس فى قوله تعالى:
أَحْسَنُ أَثاثًا وَرِءْيًا. (سورة مريم الآية ٧٤) قال: الأثاث المال، والرئى المنظر.
وعن عكرمة قال: سئل ابن عباس:
أكان الليل قبل أو النهار ..؟ فقرأ:
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقًا فَفَتَقْناهُما. (سورة الأنبياء الآية ٣٠) ثم قال: هل كان بينهما إلا ظلمة؟ ذلك ليعلموا أن الليل قبل النهار.
وعن مجاهد فى قوله:
سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ. (سورة الفتح الآية ٢٩) قال: الخشوع والتواضع ...
1 / 16
الإمام ابن قتيبة وتفسيره
هو الإمام العالم الفاضل أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى وقيل المروزي، الإمام النحوى اللغوى المصنف فى فنون التفسير والحديث وغيرهما من الفنون. ولد سنة ٢١٣ هـ.
وسكن بغداد، وحدث بها عن ابن راهويه، وتتلمذا لكثير من المشاهير كمسلم بن قتيبة والده، والقاضى يحيى بن أكثم وأبى حاتم السجستانى وشبابة بن سوار والجاحظ.
وروى عنه ابنه أحمد وابن درستويه وغيرهما، وأخذ عنه العلم كثير من العلماء كأحمد بن مروان المالكى. وقاسم بن إصبع الأندرسى وأبو القاسم عبد الله بن محمد الأزدى وغيرهم.
تولى ابن قتيبة قضاء الدينور مما يدل على غزارة علمه وسعة فضله وتفرغ للبحث والدراسة والجمع والتحصيل، ثم مارس التأليف فطال فيه باعه، وظهر به فضله، وكان من كبار المجتهدين، ومن مؤلفاته الهامة ما يلى:
أدب الكاتب.
عيون الأخبار.
تأويل الحديث.
تأويل مشكل القرآن.
غريب القرآن.
المعارف.
الشعر والشعراء.
الاختلاف فى اللفظ والرد على الجهمية.
1 / 17
ويهمنا من هذه الكتب ما يتصل بالتفسير وعلومه حيث تبدو خدمته للقرآن واضحة، ومنهجه فى تأويل الكتب المتصلة بعلومه سليما غاية السلامة، نافعا كل النفع.
وقد تحدث ابن قتيبة فى كتابه تأويل مشكل القرآن عن القرآن فقال:- الحمد الله الذى نهج لنا سبيل الرشاد، وهدانا بنور الكتاب، ولم يجعل له عوجا، بل نزله قيما، مفصلا بينا.
لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ. (سورة فصلت الآية ٤٢) وشرفه وكرمه، ورفعه وعظمه، وسماه روحه ورحمة، وشفاء، وهدى ونورا.
وقطع منه بمعجز التأليف أطماع الكائدين، أبانه بعجيب النظم عن جيل المتكلفين وجعله متلوا لا يمل على طول التلاوة، ومسموعا لا تمجه الآذان، وغضا لا يخلق على كثرة الرد وعجيبا لا تنقضى عجائبه، ومفيدا لا تنقطع فوائده .. ونسخ به سالف الكتب، وجمع الكثير من معانيه فى القليل من لفظه، وذلك معنى قول رسول الله ﷺ:
(أوتيت جوامع الكلم).
فإن شئت أن تعرف ذلك فتدبر قوله سبحانه:
«خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين».
كيف جمع له بهذا الكلام كل خلق عظيم، لأن فى أخذ العفو صلة القاطعين والصفح عن الظالمين، وإعطاء المانعين.
وفى الأمر بالعرف تقوى الله، وصلة الأرحام، وصون اللسان عن الكذب وغض الطرف عن الحرمات.
1 / 18
وإنما سمى هذا وما أشبهه عرفا ومعروفا لأن كل نفس تعرفه، وكل قلب يطمئن إليه.
ويستطرد فى التمثيل لإيجاز القرآن فى اللفظ مع وفرة المعانى التى تدل عليها الألفاظ القليلة .. ومما ذكره فى ذلك قوله تعالى:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ؟. (سورة يونس الآية ٤٢، ٤٣) كيف دل على فضل السمع على البصر، حين جعل مع الصمم فقدان العقل ولم يجعل مع العمى إلا فقدان النظر.
وكان من المنافحين عن لغة العرب، الكاشفين عن أسرارها، الموضحين لمزاياها وخصائصها وإنه يقول عن العرب وما خصهم الله به من العارضة والبيان واتساع المجال.
وإنما يعرف فضل القرآن من كثرة نظره، واتساع علمه، وفهم مذاهب العرب وافتنانها فى الأساليب، وما خص الله به لغتنا دون جميع اللغات، فإنه ليس فى جميع الأمم أمة أوتيت من العارضة والبيان، واتساع المجال ما أوتيته العرب خصيص من الله لما أرهصه فى الرسول، وأراده من إقامة الدليل على نبوته بالكتاب، فجعله علمه، كما جعل علم كل نبى من المرسلين من أشبه الأمور بما فى زمانه المبعوث فيه:
ويطول بنا المقام لو استعرضنا ما ذكره من أمثلة على ذلك، ويكفينا هنا قوله:
1 / 19
ولو أن قائلا قال: هذا قاتل أخى بالتنوين، وقال آخر: هذا قاتل أخى بالإضافة لدل التنوين على أنه لم يقتله، ودل حذف التنوين على أنه قد قتله:
ويتعرض ابن قتيبة لبعض المعانى المقصودة من الآيات التى عجز عن فهمها كثير من الناس، وظن البعض أنها تعارض العقل.
ومن أجمل ما ذكره فى ذلك ردا على ما قيل عن تكرار الكلام والزيادة، ومما يقوله فى ذلك.
وأما تكرار الأنبياء والقصص، فإن الله ﵎ أنزل القرآن نجوما «أجزاء متفرقة» فى ثلاث وعشرين سنة، بفرض بعد فرض تيسيرا منه على العباد، وتدريجا لهم إلى كمال دينه، ووعظ بعد وعظ، تنبيها لهم من سنة الغفلة، وشحذا لقلوبهم بمتجدد الموعظة، وناسخ بعد منسوخ، استعبادا لهم، واختبارا لبصائرهم يقول الله ﷿:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا.
(سورة الفرقان الآية ٣٢) الخطاب للنبى ﷺ والمراد والمقصود به بالتثبيت أنه هو والمؤمنون.
وكان رسول الله ﷺ يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السّامة عليهم أى يتعهدهم بها عند الغفلة ودثور القلوب.
ولو أتاهم القرآن نجما واحدا لسبق حدوث الأسباب التى أنزله الله بها، ولثقلت جملة الفرائض على المسلمين، وعلى من أراد الدخول فى الدين، ولبطل معنى التنبيه، وفسد معنى النسخ، لأن المنسوخ يعمل به مدة ثم يعمل بناسخه بعده.
1 / 20
وكيف يجوز أن ينزل القرآن فى وقت واحد. افعلوا كذا ولا تفعلوا .. ولم يفرض الله على عباده أن يحفظوا القرآن كله، ولا أن يختموه فى التعلم، وإنما أنزله ليعملوا بحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويأتمروا بأمره، وينتهوا بزجره، ويحفظوا للصلاة مقدار الطاقة ويقرءوا فيها الميسور.
وكان أصحاب رسول الله ﷺ ورضى الله عنهم وهم مصابيح الأرض، وقادة الأيام بمنتهى العلم، إنما يقرأ الرجل منهم السورتين والثلاث والأربع، والبعض والشطر من القرآن الا نفرا منهم وفقهم الله لجمعه، وسهل عليهم حفظه ..
وكانت وفود العرب ترد على رسول الله ﷺ، فيقرئهم شيئا من القرآن فيكون ذلك كافيا لهم.
وكان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة، فلو لم تكن الأنباء والقصص مثناة ومكررة لوقعت قصة موسى إلى قوم، وقصة عيسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم، وقصة لوط إلى قوم.
فأراد الله بلطفه ورحمته أن يشهر هذه القصص فى أطراف الأرض، ويلقيها فى كل سمع ويثبتها فى كل قلب، ويزيد الحاضرين فى الإفهام والتحذير ..
وليست القصص كالفروض، لأن كتب رسول الله ﷺ كانت تنفذ إلى كل قوم بما فرضه الله عليهم من الصلاة، وعددها وأوقاتها والزكاة وسننها، وصوم شهر رمضان وحج البيت، وهذا ما لا تعرف كيفيته من الكتاب .. ولم تكن تنفذ بقصة موسى وعيسى ونوح وغيرهم من الأنبياء، وكان هذا فى صدر الإسلام قبل إكمال الله الدين، فلما نشره الله ﷿ فى كل قطر، وبثه فى آفاق الأرض، وعلم الأكابر الأصاغر، وجمع القرآن بين الثقلين زال هذا المعنى واجتمعت الأنباء فى كل مصر، وعند كل قوم ..
هذه بعض الملامح لتفكير ابن قتيبة وعلمه فيما يتصل بالقرآن. وكل
1 / 21
ما صدر منه فى ذلك ينبئ عن فكر ناضج، وعلم واسع، وحرص على الروح العلمية السليمة، العاملة على كشف الشبهات، وإزالة الأباطيل، وبيان وجه الحق فيما تعرض له من شئون.
وكان ابن قتيبة معنيا بالرد على الشبه التى تثار حول النصوص الدينية وخاصة من المعتزلة ونحوهم ملتزما للمنهج العلمى فى ذلك، فاستحق ثناء العلماء عليه.
قال ابن خلكان:
كان فاضلا ثقة سكن بغداد، وحدث بها عن اسحاق بن راهويه وأبى اسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان وأبى حاتم السجستانى وتلك الطبقة وتصانيفه كلها مفيدة.
وقال الذهبى فى المغنى عنه: صدوق.
وقال الخطيب: ثقة.
وكانت وفاته فجأة سنة ٢٧٦ هـ، إذ أكل هريسة فأصابته حرارة فصاح صيحة شديدة ثم أغمى عليه، ثم أفاق، فما زال يتشهد حتى مات- الله ونفع بعلمه ..
1 / 22
معانى القرآن لأبى زكريا الفراء
كان والده زياد الأقطع محبا لآل البيت، متفانيا فى حبهم.
وكلمة «الأقطع» فى اسم والده هى وسام شرف ألحق باسمه بسبب حبه لآل البيت، فقد قطعت يده فى حربه مع سيد الشهداء الإمام الحسين رضى الله عنه:
وإذا كان هناك من يسمى: أمير المؤمنين فى الحديث- كسفيان الثورى- فإنه كان يحلو لثعلب العالم الكوفى الكبير أن يسمى الفراء: أمير المؤمنين فى النحو وهو لقب استحقه الفراء بجدارة.
وإذا كان قد بلغ القمة فى النحو، فإن ابن خالته هو محمد بن الحسن الفقيه الشيبانى صاحب أبى حنيفة كان قمة فى الفقه.
ومن أظهر أساتذة الفراء: على بن حمزة الكسائى- فى النحو، وسفيان بن عيينة فى الفقه والحديث.
وكان الفراء معنيا بعلم القراءات- وأجاده إجادة كبيرة وقد أخذه عن الكسائى، ومحمد بن حفص.
وهذه العقلية التى تمحضت- أو كادت- لدراسة علوم اللغة والنحو وما إليهما لا يأتى أن يكون عندها الاستعداد الفطرى لعلم الكلام ولكن طموح الفراء أبى إلا أن يحاول إتقان علم الكلام فاخفق وذلك لأن طبيعته هى طبيعة النحويين، وعن ذلك يقول أديب العربية أبو عمرو الجاحظ:
«دخلت بغداد سنة أربع ومائتين حين قدم إليها المأمون- وكان الفراء يحبنى، ويشتهى أن يتعلم شيئا من علم الكلام، فلم يكن له فيه طبع.
1 / 23
لقد أخفق فى دراسة علم الكلام، ولكنه كان يحب أن يشتهر بالاعتزال والفلسفة، وليس له فيهما قدم.
وأما تظاهره بذلك، فإنما كان تقربا للمأمون. فإنه ما كان أحد يتقرب منه إلا إذا كانت له ميول اعتزالية، ومرن لسانه على استعمال مصطلحات فلسفية.
ومع إخفاقه فى علم الكلام، فإنه برع فى علوم كثيرة، يقول ثمامة بن اشرس- وهو من أئمة المعتزلة، وكان مقربا من المأمون- يقول عن الفراء:
رأيت له أبهة أدب فجلست إليه، فناقشته عن اللغة، فوجدته بحرا وعن النحو، فشاهدته نسيجا وحده، وعن الفقه: فوجدته فقيها عارفا باختلاف القوم، وفى النجوم: ماهرا، وبالطب: خبيرا، وبايام العرب واشعارها: حاذقا.
واشتهر الفراء وذاع صيته، فاستدعاه الرشيد، وأنس له، وجنى الفراء من وراء ذلك ثروة ومنزلة فألف التردد على أبواب الأمراء والملوك فقد اتصل بالمأمون، ويروى المؤرخون له أن المأمون عهد إليه أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو، وما سمع من العرب، فأمر أن تفرد له حجرة من حجر الدار. ووكل بها جوارى، وخدما للقيام بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه، ولا تتشوق نفسه إلى شىء حتى أنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين، والزمه الأمناء والمنفقين، فكان الوراقون يكتبون حتى صنف كتاب الحدود، وأمره المأمون بكتبه فى الخزائن.
وأنس المأمون به كما أنس الرشيد، وأدناه المأمون إلى درجة أن وكل إليه تعليم أبنائه ومع أنه كان يتردد على أبواب الأمراء والوجهاء والملوك، فقد كانت له ميزات حسنة نذكر منها:
أنه كان متقشفا بطبيعته، وكان المال الذى يأتيه فى أثناء العام يجمعه إلى موعد معين يفارق فيه بغداد إلى الكوفة، حيث أهله وعشيرته فيمكث بالكوفة
1 / 24
أربعين يوما بين أهله وعشيرته يتفقد أحوالهم ويتودد إليهم وينفق عليهم ما ادخره أثناء العام، ثم يعود من جديد إلى بغداد ...
وصلة الأرحام من أنفس القربات فى دين الإسلام الحنيف ومن الأمور التى تذكر بالخير للفراء هذا الموقف الكريم.
يروى ابن النديم خبرا يحكيه أبو العباس ثعلب أن السبب فى إملاء الفراء «الحدود» هو أن جماعة من أصحاب الكسائى صاروا إليه وسألوه أن يملى عليهم أبيات النحو ففعل، فلما كان المجلس الثالث قال بعضهم لبعض: إن دام هذا على هذا علم النحو الصبيان والوجه أن يقعد عنه:
فغضب وقال: سألونى القعود- يعنى للمحاضرة والإملاء- فلما قعدت تأخروا، والله لأملئن النحو ما اجتمع اثنان- فأملى ذلك ست عشرة سنة! ووثق به المأمون وبعلمه، فاتخذه معلما لاولاده.
ونأتى الآن إلى (كتاب المعانى) ويذكر ثعلب أن السبب فى تأليفه أن عمر بن بكير كان من أصحابه، وكان منقطعا إلى الحسن بن سهل، فكتب إلى الفراء أن الأمير الحسن بن سهل ربما سألنى عن الشيء بعد الشيء من القرآن فلا يحضرنى فيه جواب، فإن رأيت أن تجمع لى أصولا، أو تجعل فى ذلك كتابا أرجع إليه فعلت! فقال الفراء لأصحابه:
اجتمعوا حتى أملى عليكم كتابا فى القرآن- وجعل لهم يوما حضروا فخرج إليهم، وكان فى المسجد رجل يؤذن ويقرأ بالناس فى الصلاة وكان يكتب عن الفراء الوراقون- وهم تجار الكتب- ومع أن عدد من كان يحضر الدرس لا يكاد يحصى فإن الذى حرص على الكتابة هم: الوراقون ولما انتهى الفراء من الإملاء خزن الوراقون الكتاب ليبيعوه بثمن مرتفع جدا، وشكا الناس إلى الفراء فاحضر الوراقين وأخذ يتحدث معهم فى خفض ثمن النسخ فلم يفلح معهم وذلك لجشعهم.
1 / 25