وفي موضع آخر من الرسالة المذكورة قال القاضي أحمد بن سعد الدين -رحمه الله- بعد أن ساق الكلام والأدلة على وقوع الأحاديث الموضوعة قال: وكان المرجع إلى المعنى، فمن أصول أئمتنا ” تقديم ما وافق الكتاب العزيز واشتراط موافقته، والمحدثون لا يعتبرون غير الشروط التي اعتبروها للصحة وغيرها على زعمهم، مع قولهم: إن شروط الصحة وإن حصلت فليس المراد به حقيقة الأمر، بل في الظاهر، لجواز الخطأ والنسيان، والكذب على الثقة، وكذا قولهم: (هذا ضعيف)، مرادهم لم يظهر لنا فيه شروط الصحة؛ لا أنه كذب في نفس الأمر لجواز صدق الكاذب وإصابة من هو كثير الخطأ.
ثم لا يرتبون القبول والرد على صحة المعنى، وبطلانه، ولذلك صححوا أحاديث الجبر والتشبيه ونحوهما مما يتضمن المناقص على الله تعالى، وإن صادمت كتاب الله وصريح المعقول، اعتمادا على ذلك الأصل عندهم.
وقد قال بعض أئمتنا ”: وناهيك أن يكون كتاب الله عز وجل أصلا من الأصول كأصول ابن الصلاح والخطابي والذهبي ونحوهم.
ثم قال: ما أحسن ما نقل الإمام الأعظم المرتضى محمد بن يحيى بن الحسين في بعض أجوبته:
(وقلت: لأي معنى لم تدخل الأحاديث في كلامنا؟ ولسنا ندخل من الأحاديث ما كان باطلا عندنا، وإن كثيرا من الأحاديث مخالف لكتاب الله ومضاد له فلم نلتفت إليها ولم نحتج بما كان كذلك منها، وكل ما وافق الكتاب وشهد له بالصواب صح عندنا وأخذنا به ...إلى آخر ما قال). انتهى من (الرسالة المنقذة من الغواية) للقاضي أحمد بن سعد الدين المسوري رحمه الله .
قلت: ولهذا نعرف ونقطع، أنه قد وقع الاختلاف في الرواية ووقع اختلاف الرواة والمحدثين.
ونعرف أن ما رواه علي بن المديني في كتاب (الأحداث) وهو من كبار المحدثين، وما رواه أبو هلال العسكري في كتاب (الأوائل) يثبت بعض الأسباب الموجبة لهذا الاختلاف.
Halaman 69