فاقشعر غانم وسأل عن الرجل: من عسى أن يكون؟
فأجابه خليل بقوله: ألم تعرفه؟ هو الخطيب الذي أعددته لابنتك سعدى ورضيته لك صهرا عنيدا، وبالغت في إكرامه وتبجيله، ووصفته بالصفات الكمالية، هو فؤاد بعينه خاطف ابنة شقيقتك وفاتنها، وملبسكم عارا لا يمحى مدى الزمان.
قال غانم وقد ارتاع: كبرت - والله إنها لتهمة - مثل هذه.
قال خليل: نعم إنها لتهمة عظيمة وفظيعة، فوالله لم يدفعني على ثقلها سوى أسفي على امرأتي المرحومة ورغبتي في حفظ شرف أهلها، فاعلم أني من نحو خمسة أشهر قبل وفاتها بليلة واحدة رأيت فؤادا مصاحبا عفيفة بعد نصف الليل آتيا معها إلى المنزل الذي كنا فيه، وحضر في اليوم التالي لزيارتنا، فأقام برهة من الوقت، وتوفيت امرأتي فاختفت على أثر وفاتها ابنتها عفيفة، وقد اجتهدت كثيرا وبحثت عنها مديدا فلم أقف لها على أثر، وحسبت أنها قد انتحرت حتى كان يوم أمس الغابر، فرأيتها في القرافة قياما فوق ضريح والدتها، ورأيت فؤادا واقفا إلى جانبها.
قال غانم: أذهلتني والله، هل أنت تقول الصدق؟
قال: إن لم تصدقني فسل ابنك سعيدا، وسل صاحبك هماما، وسل فؤادا نفسه ينبئوك جميعا بما أنا قائل، ولا أظنهم يكتمون عنك الحقيقة.
قال غانم: أتزعم أن فؤادا هو الذي اختطف البنت وأقام معها كل هذه المدة؟
قال خليل: نعم، ولا وجه للريبة في ذلك.
قال غانم: وهل كان ذلك برضاء البنت واختيارها أو كانت مرغومة؟
قال خليل: حاشا لله أن أرمي عفيفة بريبة، فهي نقية القلب مصونة، قد نشأت على أحسن تربية وأجمل الأخلاق الموروثة عن أمها والأدب وسلامة الضمير، فكيف أظن بها سوءا وأتوهم أنها تكون قد اتبعت فاتنها فغويت بغيه وضلت بضلاله إلا أن تكون مكرهة مرغومة، وهي ولا حول لها ولا قوة؟!
Halaman tidak diketahui