فذهلت الهندية وقالت لها: لماذا تسألينني هذا السؤال؟ - لأني أظن بأني عرفت السارق.
فنهضت الهندية مسرعة، وأمسكت بلجام جواد مس ألن وقالت لها: بربك دليني عليه، ودعيني أراه لحظة واحدة أكن عبدة لك ما حييت، وإذا أردت قتلي بعد ذلك فقد وهبتك دمي. - قولي أين تقيمين؟ - في فندق القرن الذهبي في وينغ. - حسنا فسأراك.
وقد حاولت مس ألن أن تنصرف، ولكن الهندية حانت منها التفاتة إلى الناس المزدحمين فصاحت صيحة منكرة وقالت لمس ألن: انظري إلى هذا الرجل فإن له نظراته.
وقد دلتها على رجل كان يشق الزحام ويسير إلى مكان النطع، فرأت مس ألن رجلا بملابس البحارة، وهو الرجل نفسه الذي رأته يوم خروجها من إدارة البوليس، فقالت في نفسها: إني لم أكن مخطئة بظنوني؛ فإنه جان دي فرانس.
ثم همست في أذن الهندية قائلة: هذا هو بعينه، وقد عرفته حق العرفان.
فتركتها وهجمت تريد الوصول إليه فمنعتها شدة الزحام عن أن تخطو خطوة واحدة إلى الأمام، فجعلت تصيح قائلة: دعوني أمر؛ فهذا هو سارق الكنز.
ولم يكترث الناس لصياحها؛ إذ حسبوها مجنونة، ولبثوا شاخصين إلى النطع، فصاحت مس ألن صيحة رعب، وغطت وجهها بيديها، ولم تستطع أن تتقدم خطوة؛ فقد تلاصق الناس حتى باتوا كالبنيان المرصوص.
أما ناثائيل فقد جردوه من ملابسه العليا بحيث أصبح عاري الظهر، وربطوه إلى عمود، وأخذ الجلاد السوط، وانهال عليه بالجلد، فصاح في الجلدة الأولى، وأن في الثانية، واهتز في الثالثة حتى أوشك أن يكسر العمود، وفي العاشر تمزق جلده وسالت منه الدماء، فكان يصيح صياحا يقطع القلوب من الإشفاق.
وكانت كل ضربة تنفذ إلى قلب مس ألن نفاذ السهم؛ فقد نسيت كل شيء في تلك الساعة الرهيبة، ولم تعد تذكر إلا أن هذا الرجل الذي يتعذب إنما هو أبوها.
وفي الجلدة العشرين انقطع صياحه، وعاد إلى الأنين، وفي الثلاثين أغمي عليه، وانقلب رأسه إلى كتفه؛ فأمر المدير بالكف عن الجلد، ولم تعد مس ألن تستطيع الوقوف، فأقفلت بجوادها راجعة إلى جهة التيمس.
Halaman tidak diketahui