173

ولما انصرف الناس خرج الرجل المقنع من مكمنه، فوجد عند باب المقبرة فارسين كان أحدهما يمسك عنان جواد أدهم فترجلا عند وصوله وقدما له الجواد، ثم انحنيا بملء الاحترام وقالا له: أيها الملك، إن رعاياك ينتظرون أوامرك.

أما هذا الرجل فقد كان روجر؛ فإن بولتون كان قد رد إليه الحياة بعد أن سقاه ذلك المخدر، وبعد أن قتل السير روبرت ووضعه في نفسه فتقنع وشهد جنازة نفسه مع المشيعين.

الخاتمة

كان البحر هادئا وسفينة النور تتأهب للسفر بتلك الطائفة إلى غير هذه البلاد.

وكان عند الشاطئ خلق كثير من تلك الطائفة، وبينهم أميري ملك النور أي روجر، وجان دي فرانس، وشمشون، وجميع رجال الطائفة ونسائها وأولادها، وقد أحدقوا جميعهم بملكهم الجديد بعد جان، فاسترعى مسمعهم ووقف بينهم فقال: أيها الإخوان، إني جمعتكم هنا لأن ساعة الرحيل قد دنت، وسترفع سفينتنا مراسيها.

أيها الإخوان، إن الله إلهنا وإله جميع الناس قد وضع كلا من مخلوقاته في الموضع الذي خصه به، فقال للنسر: إنك ستحلق في الفضاء وتحلق بجناحيك وتجعل الهواء مملكتك.

وقال للرجل: إنك ستنشئ المدن وتؤسس الممالك.

ولكنه قال للنوري: إنك ابن البرية، وإن هواء الحرية كان عاصفا حين مولدك، فكانت الرمال تثور على خيمتك والرياح تقتلع أطنابها وأنت بعيد عن المدن والقرى.

غير أني منحتك نظر النسر النافذ، وقوة الجواد العربي السريع، وجرأة الأسد الهصور. وأردت أن تكون ذلك السائح الأبدي تطوف البلاد وتجوب الفيافي وأنت آمن مطمئن، وجعلت مواطنك الدنيا وحدود بلادك من القطب إلى القطب، فدع الناس العاديين يشتغلون ببناء المدن وتعيين الحدود وإنشاء الممالك. أما أنت فمدنك المضارب، ومملكتك لا حد لها.

أيها الإخوان إنه إذا وجد بينكم من التذ عيش الحضارة وأنف من عيشنا عيش التشرد، وأراد أن يبقى في هذه البلاد فليقف؛ فإني لا أكره أحدا على الذهاب معنا.

Halaman tidak diketahui