قالت: كلا فإن غضب سيوا ينزل بالناس أين كانوا؛ فاكتف بي فإنك ستجد من كنوز حبي ما لا تعادله كنوز الأرض.
ثم تعلقت به وجعلت ترقص وترقصه وهي تغني وتقول: كلا لم يقض سيوا على ابنة الهيكل أن تعيش تحت الأرض، إنها سترى النجوم وتستنشق أريج الزهر وتدوس رجلاها الصغيرتان على الأعشاب وتغمس شفتيها بمياه الينابيع.
إن ابنة الهيكل لا تحتاج إلى الذهب واللآلئ؛ فقد ظفرت بكنز الكنوز وهو الحب. لقد جاء الفتى الجميل الذي يحبني ويملأ فراغ قلبي من الحب كما تملأ الإناء أشعة الشمس.
وكانت تغني وهي ترقص رقصا سريعا وهو يجاريها ويقول في نفسه: إنها لا تلبث أن يستولي عليها التعب فأستولي على الكنز.
غير أن التعب أدركه قبل أن يدركها؛ فقد كانت متعودة على هذا الرقص، وقد أسكره صوتها الجميل ونظراتها الساحرة؛ فاسترسل إلى مراقصتها كما تشاء حتى انتهكت قواه وجلس على الأرض وهو يلهث من التعب، فدخلت إلى غرفة في المغارة وجاءت بكأس ذهبية كان فيها سائل أصفر يشبه الخمر الإسبانية المعتقة، فقالت له: اشرب ما في هذه الكأس تعد إليك قواك.
فشرب كل ما في الكأس جرعة واحدة، ولكن هذا الشرب لم يكد يستقر في جوفه حتى شعر أن جسمه ينتفض من البرد كأنه ملتف برداء من الثلج، ثم شعر أن أعضاءه قد تشنجت، وأن لسانه قد انعقد، ثم أطبقت عيناه وانقلب إلى الأرض دون حراك.
وعند ذلك برقت عينا الفتاة من الفرح وقالت: لقد أنقذته؛ إذ لم يبق سبيل إلى فراره؛ فقد آن وقت مجيء الكهنة، وسأخفيه، وبعد انصرافهم أرد إليه الحياة ونهرب معا.
وقد أخذت يديه، وحاولت جره، ولكنها لم تكد تفعل حتى أفلتته وصاحت صيحة ذعر؛ فقد فتح باب خفي في المغارة ودخل منه كاهنان يحملان مشعلين، فلما رأيا جان على الأرض صاح واحد منهما قائلا: ما هذا؟ أيوجد في الأرض من يجرؤ على اكتشاف هذا السر الذي لا يعرفه سوانا؟ إني - باسم إلهنا المعبود وباسم إخواننا المضطهدين وبلادنا المغتصبة ودموعنا السائلة - أحكم على هذا الجريء بالموت.
فصاحت الفتاة صيحة رعب؛ إذ رأت الخنجر يلمع في يد كاهن سيوا. •••
ولنعد الآن إلى سراي اللورد الحاكم، فقد كان ولده الصغير وهو لا يتجاوز الثالثة من عمره نائما في سرير إحدى ردهات القصر، وبجانبه عبدان يحمل كل منهما مروحة فيطرد بها الذباب عن ذلك الطفل.
Halaman tidak diketahui