قال: لا أعلم «أفراسياب»، ولكني وجدت رجلين صفتهما كذا. وأعطاه أوصافهما، فعرفهما بالصفة أنهما «أفراسياب» وعياره، قال: وإلى أين ذهبا؟
قال: نزلوا معنا في هذه السفينة، وطلعوا على جزيرة صقلية.
قال: والآن أين تقصدون؟
قال: إليها أيضا.
قال: ومتى يكون قيامكم؟
قال: بعد قليل من الأيام. ففرح «روبير» لهذا النبأ، وصار يشغل معهم، ويتحبب إليهم، ويحنو على صغيرهم، ويوقر كبيرهم إلى أن فرغوا من وثق السفينة، وقلعت بهم تقصد تلك الجزيرة، وبعد قليل من الأيام وصلوا إليها بسلام، فطلع «روبير» يشم رائحة الأخبار، وإذا به يرى عساكر تجتمع وألات حرب تلمع، واضطراب شديد في تلك المدينة، فسأل عن ذلك، فقيل له: أن ملك «بابل» جاء يستجير بملكنا فأجاره؛ لأن ملك فارس دخل عليه بالحيلة، وأسره فتخلص من سجنه، وأتى وقد أمر الملك بتحضير الجنود، وتحصين القلع، وعما قليل سيقلع إلى بابل، فرجع «روبير» إلى المركب لما سمع ذلك، وقال: سأرجع معكم؛ لأن سيدي أرسلني بأمر مهم.
قالوا: على الرحب والسعة. ثم بعد مضي بضعة أيام تمكن فيهم «روبير» من اكتشاف مواقع المدينة وأسوارها، ومقدار القوة التي فيها من عدد وعدد، وبعد ذلك أقلعت بهم السفينة وساروا و«روبير» معهم إلى أن وصلوا إلى البر، فخرج «روبير»، وأطلق لرجليه العنان يسابق الرياح قاصدا مدينة بابل.
الفصل الخامس عشر
في فتح جزيرة صقلية واجتماع مندان بولدها كورش
كنا تركنا «مندان» في تلك القبة تقاسي عذاب الوحدة والقطيعة، لولا أن الله سهل لها تلك الجمعية التي كانت لها تسلية عظيمة، وهي تتمتع بعبادة الرحمن - سبحانه وتعالى - فتجد لها لذة تغنيها عن مجالسة الناس.
Halaman tidak diketahui