فجلست معتدلة كأنما ديست كرامتها وقالت في تساؤل: ما الذي تظنه في يا سيدي المحترم؟ - سيدة صغيرة عظيمة المهارة.
وحدجته بنظرة حادة قابلها بمثلها وعلى فمه ابتسامة ساخرة، ثم قامت واقفة في مكانها بحركة واضحة تشعره بأن يفعل مثلها هو أيضا، ولكنه تجاهل هذه الحركة، فقالت وهي تنظر إليه بأسف: لا يصح أن نتشاجر يا سيدي المحترم، لقد كنا أصدقاء في بادن بادن، فهل نصبح في عداء بالنسبة لهذا الموضوع الدقيق الذي يهتم به كلانا؟
ومدت إليه يدها، فلم يكن هناك بد من أن يقوم فيقبل أطرافها؛ فقد كان أكثر تهذيبا وسياسة من أن يجهل أنه خسر الموقعة.
ودقت ألين سان أماند الجرس، فجاء خادم وفتح الباب على مصراعيه فخرج فريزن إلى الصالة، وساعده الخادم في لبس معطفه وأعطاه قبعته وعصاه، ثم تقدم ليفتح له الباب الخارجي.
وفي نفس اللحظة صدرت صيحة مثيرة من نفس المنزل وكانت من المرأة المليئة وقد ظهرت في الصالة وهي تعلن في لهفة وانفعال: سيدتي الآنسة، سيدتي الآنسة، لقد وصل ساعي البريد الآن وافدا من قلعة دايك.
وعند باب حجرة الاستقبال رأت الآنسة سان أماند وقد بهت وجهها واضطربت عيناها وهي تلهبها بنظرة جاحظة، فاختطفت الخطاب من يد المرأة التي وقفت مبهوتة حائرة، ونظر فريزن نحو ألين فتلاقت أعينهما في لمحة خاطفة كانت كافية لأن يفهم كل شيء، وفي ابتسامة هادئة انحنى لها وهو يهم بالخروج وقد امتزج بنفسه شعور بالنصر.
وعاد الكونت فريزن في نفس المساء إلى ستراسبورج وأخذ القطار السريع في الليل إلى باريس، ولقد كانت الرحلة طويلة ومتعبة، ولكن فريزن كانت لديه أشياء كثيرة يفكر فيها فقد تعقد الموقف بشكل محير حتى لقد قضى طول الليل ساهرا، لقد أدرك أن قصة الآنسة ألين فيها شيء من الصحة، وأن لويس قد اختطف فعلا - الشيء الذي لم يصدقه في أول الأمر - وأنه محجوز في قلعة دايك.
وكتب خطابا إلى السيدة البرنسيس يقول فيه:
إنني كبير الأمل في النجاح فلا تيئسي، إن جلالته في أمان وصحة جيدة، ومن المؤكد أن أتصل به في اليومين أو الثلاثة المقبلة، ولا زال لدينا أسبوع نستطيع أن ننتهي فيه من هذه المهمة بخير. لقد سافرت الليلة إلى باريس لمقابلة البرنس مترنيخ، فإن له ذهنا عجيبا في تصريف مثل هذه الأمور. إذا كنت تريدين الاتصال بي، فإن سكرتيري وهو لا يزال في فندق ستيفاني تحت أمرك، وسيرسل إلي خطابك مع الساعي الخاص الذي يحمل حقيبة بريد السفارة.
وتفضلوا بقبول عميق احترام.
Halaman tidak diketahui