Manuskrip Drama Muhammad Lutfi Jumca: Karya Lengkap
مخطوطات مسرحيات محمد لطفي جمعة: الأعمال الكاملة
Genre-genre
من الجدير بالذكر أن لطفي جمعة كانت تربطه علاقة وثيقة بشاعر القطرين خليل مطران. وفي إحدى الرسائل المتبادلة بينهما عام 1935، قال مطران: «حضرة الأخ العزيز الأديب الكبير والمحامي الشهير الأستاذ محمد لطفي جمعة، بعد التحية والإكرام. تلقيت كتابك وتاريخه 9 / 12 / 1935 وسررت بمطالعته سروري بكل ما يجيء منك، أما ظنك أنني نسيتك فقد أثارني شجنا، وهل كان لي أن أنساك في مثل ما نيط بي من الأمر. غير أنني كنت معتقدا أنك صرفت إحدى قواك الفكرية الكبرى عن هذا الفن الذي نشتغل به [يقصد المسرح] ولعل ذلك تأتى من انقطاعي بضع سنين عما كانت تجود به قرائح أكابر كتابنا الذين عنوا حينا بالمسرح، أما عملك وإخلاصك فأنا أعرف الناس بهما، ومكاني منك كمكانك مني - فيما طال به العهد بيننا - فوق الزلفى أيا كان نوعها وسببها. فرجائي إن اتسع وقتك للقاء أن تعين لي موعدا نجتمع فيه، ونتباحث فيما تريد أن تتفضل به من النصرة على هذه الفرقة وأنت مشكور كل الشكر على ما يتيسر لي من تلافي التقصير إن كان قد وقع تقصير، وحياك الله وأبقاك لمحبك المخلص [توقيع] خليل مطران.»
وهذه الرسالة كتبها مطران، وهو مدير الفرقة القومية المسرحية، ولنا عليها عدة ملاحظات؛ أولا: أنها رد من مطران على رسالة قد أرسلها لطفي جمعة، وهذا يعني أن ما في الرسالة هو إجابات أو تبريرات لأشياء ذكرها لطفي جمعة في رسالته المرسلة في 9 / 12 / 1935. ثانيا: الرسالة تؤكد أن خليل مطران كان لا يراسل لطفي جمعة لفترة طويلة، لدرجة النسيان ... أي إن خليل مطران كاد أن ينسى لطفي جمعة. ثالثا: تبرير مطران لنسيان جمعة، راجع إلى اعتقاده بأن لطفي جمعة نسي المسرح وابتعد عنه وانشغل بأمور أخرى. رابعا: يطلب مطران من لطفي جمعة موعدا كي يتباحث معه فيما يريد لطفي أن يخدم وينصر به الفرقة القومية، تبعا لما كتبه في رسالته لمطران.
وهذه الملاحظات في مجملها - بالإضافة إلى أسلوب الخطاب - يشتم منها القارئ رائحة تهرب مطران من لطفي جمعة! فما الشيء الذي عرضه لطفي في خطابه على خليل مطران، كي يخدم وينصر به الفرقة القومية؟! من المؤكد أنه نص مسرحي جديد، يريد لطفي من مطران أن يمثله من خلال الفرقة القومية ... ولماذا لا وخليل مطران هو المدير والصديق القديم للطفي؟! وهكذا بدأت قصة آخر نص مسرحي متكامل للطفي الجمعة، وهو نص مسرحية «يقظة الضمير».
ولهذه المسرحية قصة طريفة، فقد أعطى لطفي جمعة نص المسرحية إلى مطران في أواخر 1935، كي تمثلها الفرقة القومية بصورة سريعة، وبالتالي يقبض لطفي الثمن بصورة سريعة أيضا. ولكن مطران تكاسل بعض الشيء، أو فلنقل كان يتهرب من لطفي جمعة لمدة سنة كاملة، مما جعل لطفي يطلب استرداد النص مرة أخرى. وبالفعل قام سكرتير الفرقة بتسليم النص إليه، ولم يقم بذلك خليل مطران نفسه. وهذا التصرف دليل قاطع على تهرب مطران من لطفي بكل وسيلة ممكنة. وهكذا استرد لطفي النص بعد عام تقريبا - في أواخر 1936 - عندما فقد الأمل في تمثيلها.
وفي عام 1937 شاهد لطفي جمعة أحد الأفلام السينمائية، وهو فيلم «نشيد الأمل» لأم كلثوم، ففوجئ بأن قصة الفيلم، هي نفسها مسرحيته «يقظة الضمير» بكل ما فيها من تفاصيل وشخصيات وأحداث ... إلخ. وعندما علم أن أدمون تويما هو كاتبها، وأنه أحد رعايا خليل مطران. هذا بالإضافة إلى أن خليل مطران كانت له يد قوية في شركة فيلم الشرق، التي أنتجت الفيلم! أمام هذه الحقائق كلها اتضحت للطفي جمعة خيوط المؤامرة التي دبرها خليل مطران مع أدمون تويما لسرقة موضوع مسرحيته «يقظة الضمير»؛ مما جعل بعض الأصدقاء يشيرون عليه برفع دعوى قضائية على الشركة المنتجة للفيلم وأيضا على الرجلين.
31
ولحسن الحظ أن لطفي جمعة لم يتبع شيطانه، وتمهل في التفكير، فاهتدى إلى طريقة مسالمة، وهي إرسال رسالة عتاب وتوضيح لصديقه مطران، حتى يبرر له ما حدث. وبالفعل أرسل هذه الرسالة في 15 / 1 / 1937، قائلا فيها: «حضرة أستاذي وأخي عميد الأدب العربي، علم المكارم التي لا ترام، وفخر مصر والشام، شاعر الأقطار العربية خليل المطران بك حفظه الله ... شهدت قصة «نشيد الأمل» ... وقد قرأت في البرنامج أن كاتب القصة هو أحد الأدباء من أصدقائك المشمولين بعنايتك، فتأكدت أن الحوادث التي أفرغت في قالب سينمائي ليست مجهولة لدي ولا بعيدة عني، بل وليست مجهولة لديك، فما هي يا سيدي الأستاذ الجليل إلا رواية «يقظة الضمير» الدرامية التي تشرفت بتقديمها إلى شخصك الكريم ... وبقيت في حراسة عزتكم إلى ديسمبر سنة 1936 فردها إلي السكرتير كطلبي ... فما أفظع تهكم القدر! إن خمسا وثلاثين سنة تربطنا بمودة أعتقد من جانبي أنها وثيقة، فهل لي أمل بأن أستعين على جلاء هذا الغموض بك؟ وهل تعينني بما هو معهود فيك من الشرف والأمانة والذمة والصدق وحسن النية على اكتشاف سر انتقال قصتي من كراستي التي كانت في العهدة إلى الشاشة البيضاء؟ وأنت تعلم يا أستاذي ويا أخي أن في حرمان الأديب من ثمرة أدبه، والمفكر من فائدة تفكيره ذهاب كل نعمة عن الجماعة، وتفرق كل كرامة، وإجلاب كل ضرر، وإدبار كل منفعة، والعمل بكل جور وفناء كل حق. فكيف وصلت حوادث هذه القصة إلى غيرنا وكلانا شديد الحرص على هذه الأمانة؟! أنت لأنك تمثل الشرف والأمانة والأدب العربي، وأنا لأني صاحب الرواية ومؤلفها ... أعلم يقينا أنك تغضب للحق وتثور للعدل وتأبى الظلم وتذود عن الكرامة ... فهل لك أن تنهض بالعبء هذه المرة صديقا وفيا وقاضيا عادلا وحكما خبيرا وأخا كبيرا ومجاهدا كريما في سبيل الفن والخلق الكريم ... إنني طبعا لن أفاتح أحدا في هذا الأمر حتى أرى نتيجة شكواي إليك واستنجادي بك في حل هذا اللغز ورفع الستار عن هذا السر، بما هو معهود فيك من الإيثار والوفاء والعدل وعلو الهمة.»
32
وإذا كنا قد اجتزأنا بعض الفقرات من هذه الرسالة المطولة، فإن الأجزاء الأخرى، ما هي إلا عبارات تترادف في معانيها وأحاسيسها للأجزاء المنقولة هنا. وهذه الرسالة يلاحظ القارئ أن أسلوبها بليغ في الحوار، حيث تتمازج كلمات العتاب بكلمات الحب، وكلمات الوفاء بكلمات الغدر ... إلخ هذه الأضداد. ولكن فحواها العام يؤكد على أن لطفي جمعة كان جادا وشرسا وينوي الانتقام من كل من سلبوه حقه الأدبي. ذلك الحق الذي جعل له لطفي جمعة لسانا يصرخ بصرخات عالية من بين سطور الرسالة! ومن الغريب أن لطفي جمعة لم يتحدث عن أية حقوق مادية له ... فكل ما يهمه حقوقه الأدبية، وعدم اغتيال عقله وأفكاره.
ويظن القارئ أن لطفي جمعة بعد ذلك أقام الدنيا وأقعدها في سبيل استرجاع حقه الأدبي، وعدم الاستسلام لاغتيال عقله وفكره ومجهوده ... إلخ ما عبر عنه في خطابه لمطران، ولكن بكل أسف فقد انتهت المشكلة بصورة لا تنم عن عمق المشكلة ... وجاءت النهاية من خلال أسطر قليلة في مذكرات لطفي جمعة، قال فيها: «يقظة الضمير تمثيلية مصرية في خمسة فصول اشترتها الفرقة القومية في أكتوبر سنة 1940، وكانت أمانة عند خليل مطران وسرق المدعو أدمون تويما الموضوع وجعله باسم «نشيد الأمل» ومثلته أم كلثوم سنة 1938، ولكنني أخذت ثمن روايتي بعد ذلك بسنتين.»
Halaman tidak diketahui