ومن أراد طباعته وقفا لوجه الله تعالى لا يريد به عرضًا من الدنيا فقد أذن له وجزاه الله عني وعن المسلمين خيرًا. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن محمد السلمان
1 / 4
خطبة الكتاب
يا فاطر الخلق البديع وكافلا
بذكرك يا مولى الورى نتنعم
صرفت إلى رب الأنام مطالبي
يا خالقي عبدك الخاطي الحزين لقد
يا من إليه جميع الخلق يبتهلوا
يا من يغيث الورى من بعد ما قنطوا
أيا لائمي مالي سوى البيت موضع
لك الحمد والنعماء والملك ربنا
يا نفس قد طاب في إمهالك العمل
لك الحمد يا ذا الجود والمجد والعلا
تمسك بحبل الله واتبع الهدى
القلب أعلم يا عذول بدائه
تبين ثغر الفجر لما تبسما
وليس اغتراب الدين إلا كما ترى
وبالتدبر والترتيل فاتل كتاب الله
لهفي على الإسلام من أشياعه
خاتمة ونداء للعلماء يا معشر العلمآء لبوا دعوة
هذا وللمتمسكين بسنة المختار
تيقض لنفس عن هداها تولت
أيا لاهيا في غمرة الجهل والهوى
ذنوبك يا مغرور تحصى وتحسب
إلى كم تمادى في غرور وغفلة
عليكم بتقوى الله لا تتركونها
وقدم أحاديث الرسول ونصه
على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم
وللدهر تارات تمر على الفتى
علم الحديث أجل السؤل والوطر
دع البكاء على الأطلال والدار
يا تاركا لمراضي الله أوطانا
دعوني على نفسي أنوح وأندب
تفت فؤادك الأيام فتا
يقولون لي فيك انقباض وإنما
مع العلم فاسلك حيث ما سلك العلم
لقد عفت من ديار العلم آثار
ذوو العلم في الدنيا نجوم هداية
تعلم فإن العلم زين لأهله
واعلم بأن العلم أرفع رتبة
جزى الله أصحاب الحديث مثوبة
سلامي على أهل الحديث فإنني
والي أولى العرفان من أهل الحديث
أوصيكم يا معشر الإخوان
يشاركك المغتاب في حسناته
تفيض عيوني بالدموع السواكب
إذا طلعت شمس النهار فإنها
نمضي على سبل كانوا لها سلكوا
وما الناس إلا راحلون وبينهم
يا طالبا راحة من دهره عبثا
اكدح لنفسك قبل الموت في مهل
أيا للمنايا ويحها ما أجدها
ألم تر أن المرء يحبس ماله
خفض همومك فالحياة غرور
نادت بوشك رحيلك الأيام
فاسمع صفات عرائس الجنات
بالله ما عذر امرء هو مؤمن
سهام المنايا في الورى ليس تمنع
ولا بأس شرعا أن يطبك مسلم
فيا ساهيا في غمرة الجهل والهوى
إلى متى أرى يا قلب منك التراخيا
وكيف قرت لأهل العلم أعينهم
دع التشاغل بالغزلان والغزل
من ذا الذي قد نال راحة فكره
يا أيها السني خذ بوصيتي
أتبكي لهذا الموت أم أنت عارف
أعارتك دنيا مسترد معارها
أنا العبد الذي كسب الذنوبا
ليس الغريب غريب الشام واليمن
يا نفس هذا الذي تأتينه عجب
هو الله من أعطى هداه وصح من
محمد المبعوث للخلق رحمة
بحمدك ذي الإكرام ما رمت أبتدي
وكن عالما إن الذنوب جميعها
ومالي وللدنيا وليست ببغيتي
تبارك من عم الورى بنواله
إلى الله نشكوا غربة الدين والهدى
فلا يغرنكم لما جرى قدر
وأن ذوي الإيمان والعلم والنهى
سعد الذين تجنبوا سبل الردى
فيما جرى على الإسلام وأهله من الظلمة والطغاة والمجرمين: جازاهم الله بما يستحقون
وكن ذاكرا لله في كل حالة
إليك إله العرش أشكو تضرعا
فيم الركون إلى دار حقيقتها
حمدت الذي يولي الجميل وينعم
الحمد لله القوي الماجد
إني أرقت، وذكر الموت أرقني
من كان يوحشه تبديل منزله
إذا شئت أن تحيا سعيدا مدى العمر
وكن بين خوف والرجا عاملا لما
لكن ذا الإيمان يعلم أن هاذا
قوم مضوا كانت الدنيا بهم نزها
إن القناعة كنز ليس بالفاني
يا باغي الإحسان يطلب ربه
رأيتك فيما يخطيء الناس تنظر
يا مطلق الطرف المعذب بالأولى
يا خاطب الحور الحسان وطالبا
ليبك رسول الله من كان باكيا
يا من يطوف بكعبة الحسن التي
تذكر ولا تنس المعاد ولا تكن
إن كنت تطمع في الحياة فهات
عسى توبة تمحى بها كل زلة
ليس الحوادث غير أعمال امريء
إلهي لا تعذبني، فإني
والجنة اسم الجنس وهي كثيرة
أذل الحرص والطمع الرقابا
ليت شعري ساكن القبر المشيد
وعبد الهوى يمتاز من عبد ربه
قد أمست الطير والأنعام آمنة
أو ما سمعت منادي الإيمان
محمد المصطفى المختار من ظهرت
احفظ هداك إله الخلق يا ولدي
أراني إذا حدثت نفسي بتوبة
أحسن جنى الحمد تغنم لذة العمر
ولما رأيت القوم لا ود عندهم
أقول وأولى ما يرى في الدفاتر
جزا الله رب الناس خير جزائه
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم
رسائل إخوان الصفا والتودد
يا من يتابع سيد الثقلان
مرادك أن يتم لك المراد
لمن ورقاء بالوادي المريع
هو الموت فاصنع كل ما أنت صانع
يا صاحبي إن دمعي اليوم منهمل
كرهت وعلام الغيوب حياتي
واها لدنيا إذا ما أقبلت قتلت
أخل لمن ينزل ذا المنزل
يا قوم فرض الهجرتين بحاله
الدهر يعقب ما يضر وينفع
يا قاعدا سارت به أنفاسه
يا من يروم الفوز في الجنات
يا أيها الرجل المريد نجاته
أتأمل في الدنيا تجد وتعمر
لقد درج الأسلاف من قبل هؤلاء
أيا نفس للمعنى الأجل تطلبي
أيا ابن آدم والآلاء سابغة
حمدت الذي أغنى وأقنى وعلما
عرى الأعمار يعلوها انفصام
إلى متى يا عين هذا الرقاد
ألا ارعواء لمن كانت إقامته
لله در رجال واصلوا السهرا
ألا يا غواني من أرادت سعادة
أو ما سمعت بشأنهم يوم المزيد
إلى الله أهدي مدحتي وثنائيا
خلقنا لأحداث الليالي فرائسا
غفلت وليس الموت في غفلة عني
وإني امرؤ بالطبع ألغي مطامعي
هذا ونصر الدين فرض لازم
أسير الخطايا عند بابك واقف
خزان وحي الله لم ير غيرهم
يا جامع المال إن العمر منصرم
زيادة المرء في دنياه نقصان
خبت نار نفسي باشتعال مفارقي
ألا قل لأهل الجهل من كل من طغى
الله أعظم مما جال في الفكر
تبارك من شكر الورى عنه يقصر
مشيب النواصي للمنون رسول
أفي كل يوم لي منى أستجدها
عجبا لعيني كيف يطرقها الكرى
ناد القصور التي أقوت معالمها
لاح المشيب بعارضيك كما ترى
يا بائع الدين بالدنيا وباطلها
خليلي عوجا عن طريق العواذل
بأمر دنياك لا تغفل وكن حذرا
يا نائما والمنون يقضي
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
خبت مصابيح كنا نستضيئ بها
يقولون لي هلا نهضت إلى العلا
أحاط بتفصيل الدقائق علمه
اعلم هديت وخير العلم أنفعه
بكيت فما تبكي شباب صباكا
وصيتي لك يا ذا الفضل والأدب
يا آمن الساحة لا يذعر
كل يزول وكل هالك فان
علامة صحة للقلب ذكر
أجل ذنوبي عند عفوك سيدي
صبرت على بعض الأذى خوف كله
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
إذا ما حذرت الأمر فاجعل إزاءه
إلى الله نشك قسوة وتوحدا
قال ابن عباس ويرسل ربنا
تمسك بتقوى الله فالمرء لا يبقى
قضى الله أن لا تعبدوا غيره حتما
فلا تطع زوجة في قطع والدة
أعوذ برب العرش من كل فتنة
تبارك من لا يعلم الغيب غيره
إذا موجد الأشياء يسر للفتى
احفظ هداك إله الخلق يا ولدي
أتذهل بعد إنذار المنايا
كم ذا أؤمل عفوا لست أكسبه
إن أولي العلم بما في الفتن
فجد ولا تغفل وكن متيقظا
أأحور عن قصدي وقد برح الخفا
دع عنك ما قد كان في زمن الصبا
إن الحياة منام والمآل بنا
طوبي لمن في مراضي ربه رغبا
لا يأمن الموت إلا الخائن البطر
أرى الصبر محمودا وعنه مذاهب
اصبر ففي الصبر خير لو علمت به
وكم لله من لطف خفي
نبني ونجمع والآثار تندرس
لقد خاب من غرته دنيا دنية
نبي تسامى في المشارق نوره
لكل شيء إذا ما تم نقصان
ألا إنما الدنيا مطية راكب
أنت المسافر والدنيا الطريق
فبادر إلى الخيرات قبل فواتها
تزود من الدنيا بساعتك التي
يا غافلين أفيقوا قبل موتكم
بسم الذي أنزلت من عنده السور
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
يا نفس كفي فطول العمر في قصر
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم
مثل لنفسك أيها المغرور
قد آن بعد ظلام الجهل إبصاري
نور الحديث مبين فادن واقتبس
إذا ما الليل أظلم كابدوه
لحى الله دنيا لا تكون مطية
أطل جفوة الدنيا ودع عنك شأنها
بروحي أناسا قبلنا قد تقدموا
قف بالمقابر واذكر إن وقفت بها
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا
لا في النهار ولا في الليل لي فرح
لعمري لقد نوديت لو كنت تسمع
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
أجاعتهم الدنيا فخافوا ولم يزل
اجعل شعارك حيثما كنت التقى
ونفسك فازجرها عن الغي والخنا
تجهزي بجهاز تبلغين به
كيف احتيالي إذا جاء الحساب غدا
مقتطفات للاتعاظ والاجتهاد في العبادات والحث عليها والاستشهاد بها