الوجه الرابع : أن تعلم أن عصمة الزهراء صلوات الله عليها ، قد ثبتت عن الإمام زيد بن علي (ع) ، بروايتنا ، ورواية العامة ، وأن فعلها هذا صلوات الله عليها، وغضبها على أمر شرعي صحيح ، بل وموتها على ذلك ، بل وشهادة علي (ع) وهو المعصوم أيضا ، على تحقق صفة المظلومية عليها ، وظلم من هم عند زيد بن علي (في رواية العامة) عادلون حاكمون بالصحيح ، يعد قدحا في العصمة لهما -علي وفاطمة- عليهما السلام ، وقد روى الحافظ محمد بن سليمان الكوفي رحمة الله عليه ، عن الباقر وزيد بن علي (ع) ، أنه قال -واللفظ للباقر- : ((المعصومون منا خمسة : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ))(1)[4] ، وروى الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ، عن زيد بن علي (ع) ، أنه قال : ((المعصومون منا خمسة النبي (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ))(2)[5] ، ويزداد الأمر خطرا هنا ، عند من يرون أن فدكا إرث لا هبة ، وأنها داخلة في احتجاج أبي بكر بعدم التوريث ، مع العلم أن الإمام زيد بن علي (ع) في رواية العامة لم يتطرق لهذا النوع من الرواية ( أعني احتجاجها بالإرث ، ورد أبي بكر بخبر عدم التوريث ) ، بل احتجت (ع) بالهبة ، ورد أبو بكر بعدم اكتمال النصاب ، فإن البعض من الأغمار أو الحذاق قد يخلطوا هذا بذاك ، فيحتجوا بتصحيح زيد حكم أبي بكر ، عند مناقشتهم لقضية توريث الأنبياء من عدمه ، وهذا وهم فاحش . نعم ! كل هذا يقضي ببطلان صدور مثل هذا التصحيح عن زيد بن علي (ع) ، لمخالفته للعصمة التي رواها هو بنفسه، أضف إلى ذلك أن الإمام علي (ع) بمجرد إثباته مظلومية الزهراء ، فإنه يسقط ضمنا صحة حكم أبي بكر في المسألة ، ويسقط قول زيد بن علي (في رواية العامة) بصحة الحكم ، ويحكم على زيد بن علي بتجهيل أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء وباقي أهل البيت (ع) وتخطئتهم ، وهذا ما ننزه عنه أبو الحسين زيد بن علي صلوات الله عليه .
الوجه الخامس : أن تعلم أن هذا معارض بما جاء في لوامع الأنوار ، عن زيد بن علي (ع) ، وذلك أن سائلا سأله عن أمر فاطمة صلوات الله عليها ، فأجابه الإمام زيد (ع) منشئا :
...غداة تنادي يا بتا ما تمزقت ......ثيابك حتى أزمع القوم بالغدر
...وحتى ارتكبنا بالمذلة والأذى......وليس لأحرار على الذل من صبر
فأجابه الرجل قائلا :
...أنت الأمير وأنت غير مداهن......ظفرت يداك بذروة الجنات
...وعلوت يابن المصطفى ووصيه......في الفضل والدرجات والغرفات(1)[6]
...فهذا ، كله أخي القارئ ، يوهن هذه الرواية عن سيدنا زيد بن علي (ع) ، وليس عليها يبنى قرار كهذا ، وليس لأجله نتجاهل روايات وإقرارات علوية فاطمية بعدم صحة الحكم ، وثبات المظلومية في حق الزهراء (ع) ، لأنه إن كان ذلك كذا ، فما نحن إلا باحثون عن روائح الأعذار للتملص من واقع الحال ، فنحن نستطيع أن نقول ظلم المشائخ ، وليسوا كفارا ، ولم تثبت براءة أمير المؤمنين ولا أولاده منهم ، ونحن بقولهم قائلون .
Halaman 6