Kumpulan Fatwa
مجموع الفتاوى
Penerbit
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
Lokasi Penerbit
السعودية
فَصْلٌ:
وَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى قَاعِدَةِ تَحَرُّكِ الْقُلُوبِ إلَى اللَّهِ ﷿ فَتَعْتَصِمُ بِهِ فَتَقِلُّ آفَاتُهَا أَوْ تَذْهَبُ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ. فَنَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ إلَى اللَّهِ ﷿ ثَلَاثَةٌ: الْمَحَبَّةُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ. وَأَقْوَاهَا الْمَحَبَّةُ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ تُرَادُ لِذَاتِهَا لِأَنَّهَا تُرَادُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِخِلَافِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَزُولُ فِي الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ وَالْخَوْفُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الزَّجْرُ وَالْمَنْعُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الطَّرِيقِ فَالْمَحَبَّةُ تَلْقَى الْعَبْدَ فِي السَّيْرِ إلَى مَحْبُوبِهِ وَعَلَى قَدْرِ ضَعْفِهَا وَقُوَّتِهَا يَكُونُ سَيْرُهُ إلَيْهِ وَالْخَوْفُ يَمْنَعُهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ طَرِيقِ الْمَحْبُوبِ وَالرَّجَاءُ يَقُودُهُ فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ الْعُبُودِيَّةُ بِدُونِهِ وَكُلُّ أَحَدٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ. فَإِنْ قِيلَ فَالْعَبْدُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ قَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُهُ عَلَى طَلَبِ مَحْبُوبِهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يُحَرِّكُ الْقُلُوبَ؟ قُلْنَا يُحَرِّكُهَا شَيْئَانِ - أَحَدُهُمَا كَثْرَةُ الذِّكْرِ لِلْمَحْبُوبِ لِأَنَّ كَثْرَةَ ذِكْرِهِ تُعَلِّقُ الْقُلُوبَ بِهِ وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ ﷿ بِالذِّكْرِ الْكَثِيرِ فَقَالَ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ الْآيَةَ. وَالثَّانِي: مُطَالَعَةُ آلَائِهِ وَنَعْمَائِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ
1 / 95