وللمعتزلة فيه مذهب منسوب إلى الإفراط والتعدي لحد العقل، وهو وصفهم له سبحانه بأنه مدرك للمسموع والمبصر بدرك متجدد زائد على كونه عالما، قالوا: وهو أمر ليس بشيء ولا لا شيء.
ولأئمة العترة - عليهم السلام - فيه مذهب متوسط، وهو قولهم: إنه سبحانه مدرك لكل مدرك درك علم لا يعزب عنه منها شيء فيما لم يزل، وفيما لا يزال، ولا يجوز توهمه، ولا قياسه ولا التفكر فيه، ولا فرق عندهم بين المتجدد والمحدث في كون كل واحد منهما كائن بعد العدم، وفي الحاجة إلى مكون كونهما، ولا فرق بين التكوين والإيجاد والإحداث والتجديد في المعنى.
ومن أوضح الأدلة على كون تحديد المعتزلة محالا؛ وصفهم له بأنه
لا شيء ولا لا شيء مع أنه لو جاز لهم تجويز ذلك في المسموع والمبصر لجاز تجويز تجدد سائر الإدراكات التي لا يجوز إضافتها إلى الله سبحانه نحو [إدراك] لذة المشتهيات - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -.
[الكلام في معنى أن الله سبحانه عدل]
وأما وصف الباري سبحانه بأنه عدل: فالعدل مأخوذ من الإعتدال، واعتدال الشيء هو استواؤه واستقامته، وهو من أسماء الأضداد يقال: عدل عن الحق إذا مال عنه، ويقال: عدل في حكمه إذا حكم بالحق.
واعلم أن جميع فرق الإسلام تصف الله سبحانه بأنه عدل حكيم؛ لكن منهم من زعم أنه سبحانه خالق لظلم الظالمين، وجور الجائرين، وهم المجبرة القدرية؛ فخرجوا بذلك من جملة القائلين بالعدل.
Halaman 67