ونظير ذلك في الشاهد ما ضربوه هم وغيرهم مثلا لما يعلم ضرورة
وهو قول القائل: زيد لا يخلو إما أن يكون في الدار أو ليس فيها؛ فكما لا يجوز أن يقول قائل: لا هو فيها ولا في غيرها؛ فكذلك لا يجوز أن يقال لا شيء ولا لا شيء، وذلك لأن تجويز إثبات ما لا يعقل أو ما يخالف المعلوم ضرورة يؤدي إلى تجويز إنكار كل معقول، وإلى تجويز إثبات ما لا نهاية له من الجهالات والمحالات، وإلى تجويز إصابة الفلاسفة في تعديهم لحد العقل، وإصابة السوفسطائية في إنكارهم للمشاهدات، وكما لا يجوز لعاقل موحد تصويبهم في شيء من ذلك، فكذلك لا يجوز تصويب المعتزلة في التفكر في ذات الباري سبحانه، ولا في إثبات المشاركة بينه وبين غيره في ذات ولا في غيرها، ولا تكلف إثبات صفات له سبحانه بطريقة القياس، ولا الإدعاء لدقة النظر الذي أداهم إلى الخروج من حد العقل، وإثبات ما لا يعقل، والجمع بين اسم التوحيد ومعنى التشبيه، والاصطلاح على الفرق بين ما لا فرق بينه في لغة العرب نحو الأمر والشيء، والزائد والغير، والمشاركة والمماثلة، والثبوت والوجود، والتجدد والحدوث، وما أشبه ذلك.
[الكلام في الأسماء والصفات]
وأما الأسماء والصفات: فالكلام فيها ينقسم إلى ذكر اثني عشر منها، وإلى ذكر الإختلاف فيها، وإلى ذكر الفرق بينها في الخصوص والعموم، وفي الإضافة وفي الإشتقاق.
أما الاثني عشر: فهو قولنا شيء وموجود وواحد، وقديم وحي قادر عالم، وسميع بصير، وعدل ومتكلم ومريد.
Halaman 59