Majmuc
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Genre-genre
والوجه الثاني فهو: أن العذاب الأليم، وما جعله الله ضد الرحمة والنعيم، وهو مما يستحيل على (1) الخلاق العليم، لأن الألم لا يحل إلا في الأجسام، وذلك فيتعالى عنه ذو الجلال والإكرام.
مسألة
وكذلك إن سأل فقال: هل يقدر الله أن يعلم بعض خلقه جميع معلوماته، فإن قلتم: يقدر فقد صار غيره في العلم مثله، وإن قلتم: لا يقدر عجزتموه؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: هذه مسألة متناقضة، لأنك قلت: هل يقدر أن يعلم بعض خلقه جميع ما يعلمه، فجعلت لمعلومه (2) جميعا، والجميع يتناهى ومعلوم الله لا يتناهى ولا يحد، ولا يحصى أبدا ولا يعد، فالنقض لمسألتك أتى من عندك، لما في مسألتك من تناقض قولك.
ألا ترى أن الله من معلوم نفسه، وليس له جميع فيكون محدودا، وليس بعدد فيكون معدودا، فكيف يريد أن يعلم خلقه نفسه، ونفسه لا تعلم، ولا تدرك بغير الأدلة ولا تفهم، لأنها نفس ليست من الكل والأبعاض، ولا من الأجسام والأعراض، وسؤالك فإنما هو عن (3) كل المعلومات، والكل فلا يصح إلا من المصنوعات.
مسألة (4)
فإن سأل فقال: أخبروني لم زعمتم أن هذه المسائل تستحيل، ولا يجوز [أن] يوصف بها الواحد الجليل؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: إنما استحالت هذه المسائل لتناقصها، وتكاذبها في المقال وتداحضها، لأنك أيها السائل تسأل عن الله الجليل، ثم تنقص بالقول المستحيل، وتشبه الله بالعبد الذليل، مثل قولك: هل يقدر أن يفني نفسه؟! فجعلته ثلاثة وإنما هو الواحد الأحد، القديم العظيم الفرد الصمد، فكأنك سألت عن مخلوق وأنت تحسبه خالقا!! وسألت عن ثلاثة وأنت تحسبها واحدا!! لأن المفي هو الفاعل والمفنى هو المفعول، والفعل هو الثالث المجعول، المتوسط بين القابل والمقبول.
وصلى الله على مولاي وسيدي محمد النبي وآله، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
- - -
Halaman 232